وكان يبرز إلى ساحة القتال بنفسه المقدّسة كلّما اقتضى الأمر وسمح له والده عليهالسلام. وقد سجّل المؤرّخون خطاباً للإمام الحسين عليهالسلام وجّهه لأهل الكوفة لدى تحركهم إلى صفّين ، جاء فيه ـ بعد حمد الله تعالى والثناء عليه ـ : «يا أهل الكوفة ، أنتم الأحبّة الكرماء ، والشعار دون الدثار ، جدّوا في إطفاء ما وتر بينكم ، وتسهيل ما توعّر عليكم. ألا إنّ الحرب شرّها وريع ، وطعمها فظيع ، فمَنْ أخذ لها اُهبتها ، واستعدّ لها عُدّتها ، ولم يألم كُلومها قبل حلولها فذاك صاحبها ، ومَنْ عاجلها قبل أوان فرصتها ، واستبصار سعيه فيها فذاك قَمِن أن لا ينفع قومَه وإن يهلك نفسه ، نسأل الله بقوّته أن يدعمكم بالفيئة» (١).
حرص الإمام عليّ عليهالسلام على سلامة الحسنين عليهماالسلام :
قاتل الإمام الحسين عليهالسلام في معركة صفّين كما قاتل في معركة الجمل ، مع أنّ بعض الروايات أفادت بأنّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان يمنع الحسنين عليهماالسلام من النزول إلى ساحة القتال خشية أن ينقطع نسل رسول الله صلىاللهعليهوآله ؛ إذ كان عليهالسلام يقول : «املكوا عنّي هذا الغلام لا يَهُدَّني ، فإنّني أنفسُ بهذين ـ يعني الحسن والحسين عليهماالسلام ـ على الموت لئلاّ ينقطع بهما نسل رسول الله صلىاللهعليهوآله» (٢).
وجاء في نصوص اُخرى أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان يبعث ابنه محمّد ابن الحنفيّة إلى ساحات القتال مرّات عديدة دون أن يسمح للحسنين عليهماالسلام بذلك ، وقد سُئل ابن الحنفيّة عن سرّ ذلك فأجاب : «إنّهما عيناه وأنا يمينه فهو يدفع عن عينه بيمينه» (٣). ويعكس هذا الجواب مدى ما كان يحظى به
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ١ / ٢٨٤.
(٢) نهج البلاغة ، من كلام له عليهالسلام في بعض أيام صفّين ، وقد رأى ابنه الحسن عليهالسلام يتسرّع إلى الحرب ، باب خطب أمير المؤمنين عليهالسلام / ٢٠٧.
(٣) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ١ / ١١٨.