فإنّه لا ينازعنّك فيه أحد من النّاس.
ولمس مسلم كراهية هانئ أن يُقتل عبيد الله في داره ، ولم يأخذ مسلم باقتراح شريك ، وحين خرج عبيد الله قال شريك بحسرة وألم لمسلم : ما منعك من قتله؟ قال مسلم : منعني منه خلّتان ؛ أحدهما كراهية هانئ لقتله في منزله ، والاُخرى قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إنّ الإيمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن» (١).
الغدر بمسلم بن عقيل
اتّخذ ابن زياد كلّ وسيلة مهما كانت دنيئة للقضاء على الوجود السّياسي ، والتحرّك الذي برز منذراً بالخطر بوجود مسلم بن عقيل على النظام الاُموي ، وسارع للقضاء على مسلم بن عقيل وكلّ الموالين له قبل وصول الإمام الحسين عليهالسلام ، وليتمكّن بذلك من إفشال الثورة فدبّر خطّةً للتجسّس على تحرّكات مسلم ومكانه والموالين له ، واستطاع أن يكتشف مخبأه ، وأن يعلم بمقرّه (٢) ، فكانت بداية تخاذل النّاس عن الصّمود في مواجهة الظلم.
لقد استطاع الوالي الجديد عبيد الله بن زياد أن يُحْكِمَ الحيلةَ والخداع ليقبضَ على هانئ بن عروة الذي آوى رسول الحسين عليهالسلام وأحسن ضيافته ، واشترك معه في الرأي والتدبير ، فقبض عليه وقتله بعد حوار طويل جرى بينهما ، وألقى بجثمانه من أعلا القصر إلى الجماهير المحتشدة حوله ، فاستولى الخوف والتخاذل على النّاس ، وذهب كلّ إِنسان إلى بيته
__________________
(١) الأخبار الطوال / ١٨٧ ، ومقاتل الطالبيّين / ٩٨ ، وإعلام الورى ١ / ٤٢٨.
(٢) إعلام الورى ١ / ٤٤٠ ، والأخبار الطوال / ١٧٨ ، ومناقب آل أبي طالب ٤ / ٩١ ، والفتوح ـ لابن أعثم ٥ / ٦٩ ، وتأريخ الطبري ٤ / ٢٧١ ، وأنساب الأشراف / ٧٩.