وقد اشتدّ به العطش ، وأحاط القوم بالعبّاس عليهالسلام فاقتطعوه عنه ، فجعل يقاتلهم وحده حتّى قُتل (رحمة الله عليه) (١).
ونظر الحسين عليهالسلام إلى ما حوله ، ومدّ ببصره إلى أقصى الميدان فلم يرَ أحداً من أصحابه وأهل بيته إلاّ وهو يسبح بدم الشهادة ، مقطّعَ الأوصال والأعضاء.
وهكذا بقي الإمام عليهالسلام وحده يحمل سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله وبين جنبيه قلب علي عليهالسلام ، وبيده راية الحقّ البيضاء ، وعلى لسانه كلمة التقوى.
الحسين عليهالسلام وحيداً في الميدان
حينما التفت أبو عبد الله الحسين عليهالسلام يميناً وشمالاً ولم يرَ أحداً يذبّ عن حرم رسول الله أخذ ينادي : «هل من ذابٍّ يذبّ عنا؟» فخرج الإمام زين العابدين عليهالسلام من الفسطاط ، وكان مريضاً لا يقدر أن يحمل سيفه واُمّ كلثوم تنادي خلفه : يا بُني ارجع. فقال : «يا عمّتاه ، ذريني اُقاتل بين يدي ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله».
وإذا بالحسين عليهالسلام ينادي : «يا اُمّ كلثوم ، خذيه لئلاّ تبقى الأرض خالية من نسل آل محمّد صلىاللهعليهوآله» (٢).
ويقول المؤرخون : إنّه لمّا رجع الحسين عليهالسلام من المسنّاة إلى فسطاطه تقدّم إليه شمر بن ذي الجوشن في جماعة من أصحابه فأحاطوا به ، فأسرع منهم رجل يُقال له : مالك بن النسر الكندي فشتم الحسين عليهالسلام ، وضربه على رأسه بالسيف ، وكان عليه قلنسوة فقطعها حتّى وصل إلى رأسه فأدماه
__________________
(١) الإرشاد ٢ / ١٠٩.
(٢) بحار الأنوار ٤٥ / ٤٦.