أنا فأستودعكم الله. قالوا : ثمّ ـ والله ـ ما زال في القوم مع الحسين عليهالسلام حتّى قُتل (رحمة الله عليه) (١).
أنباء الانتكاسة تتوارد على الإمام عليهالسلام
ها هي الكوفة تضطرب وتموج ، والانتكاسة الخطيرة قد لاحت ملامحها ، وبدأ ميزان القوى يميل لصالح السّلطة الاُمويّة ، والوهن بدأ يدبّ والانحلال يسري في أوساط المعارضة ، وبدأ الإرهاب والتجسس والرشوة تفعل فعلتها ، فتلاشت المعارضة ونكص المبايعون ، وقُتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وقيس بن مُسهر الصيداوي ، وسُجِنَ المختار بن عبيدة الثقفي ، وانقلبت أوضاع الكوفة على أعقابها.
وواصل الإمام الحسين عليهالسلام المسير ، وليس لديه معلومات جديدة عن تطوّر الأحداث ، فأرسل عبد الله بن يقطر إلى مسلم بن عقيل ؛ ليستجلي الموقف ، إلاّ إنّ الحسين اُخبرَ في الطريق في موضع يُدعى «الثعلبية» بانتكاسة الثورة واستشهاد مسلم بن عقيل ، أمّا رسوله الثاني هذا إلى مسلم فقد وقع أسيراً أيضاً بيد جنود الحصين فنُقل إلى ابن زياد في الكوفة ، وكان كرسول الحسين عليهالسلام السّابق مثالاً للصلابة والجرأة والإخلاص.
ووصل خبر أسر الرّسول واستشهاده إلى الإمام عليهالسلام في موضع يُدعى «زُبالة» ، وهكذا راحت تتوارد على الإمام أنباء الانتكاسة ، ولاحت له بوادر النكوص الخطير ، وشعر بالخذلان ونقض العهد ، فوقف في أصحابه وأهل بيته يبلغهم بما استجدّ من الحوادث ، ويضع أمامهم الحقائق ؛ ليكونوا على بصيرة من الأمر ، فقال لهم : «بسم الله الرحمن الرحيم. أمّا بعد ، فإنَّه قد أتانا خبر فظيع
__________________
(١) الإرشاد ٢ / ٧٢ ـ ٧٣ ، والكامل في التأريخ ٣ / ١٧٧ ، والأخبار الطوال / ٢٤٦.