على أنّ سيرة الإمام الحسين عليهالسلام مثل سيرة سائر الأئمّة الأطهار تعتبر مصدراً من مصادر استلهام الأحكام الشّرعية ؛ لتنظيم السّلوك الفردي والاجتماعي للإنسان المسلم وللمجتمع الإسلامي.
في رحاب أدعية الإمام الحسين عليهالسلام
لقد تميّز تراث أهل البيت عليهمالسلام بظاهرة الدعاء تميّزاً فريداً في جانبي الكمّ والكيف معاً.
فالاهتمام بالدعاء في جميع الحالات والظروف التي يمرّ بها الإنسان في الحياة ، كما قال تعالى : (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ) (١) ، هو المظهر الذي ميّز سلوك أهل البيت عليهمالسلام عمّن سواهم ، وعلى ذلك ساروا في تربيتهم لشيعتهم.
والمسلمون بشكل عام يلمسون هذه الظاهرة بوضوح في موسم الحجّ وغيره من مواسم العبادة عند أتباع أهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم.
وتفرّدت أدعية أهل البيت عليهمالسلام في المحتوى والمقاصد ، والمعاني التي اشتملت عليها أدعيتهم ؛ فإنّها تُفصح بوضوح عن البون الشاسع بينهم وبين غيرهم. فأين الثرى وأين الثريّا؟
وتدلّنا بعض النصوص المأثورة عن الإمام الحسين عليهالسلام على سرّ هذا الاهتمام البليغ منهم بالدعاء.
١ ـ قال عليهالسلام : «أعجز النّاس مَنْ عجز عن الدعاء ، وأبخل النّاس مَنْ بخل بالسّلام» (٢).
٢ ـ وجاء عنه أنّه كان يدعو في قنوت الوتر بالدعاء الذي علّمه
__________________
(١) سورة الفرقان / ٧٧.
(٢) بحار الأنوار ٩٣ / ٢٩٤.