محاولة جمع كلمة الاُمّة والاستجابة لحركة الجماهير :
وأخذت الوفود تترى على الإمام من جميع الأقطار الإسلاميّة وهي تعجّ بالشكوى وتستغيث به ؛ نتيجة الظلم والجور الذي حلّ بها ، وتطلب منه القيام بإنقاذها من الاضطهاد ، ونقلت العيون في يثرب إلى السّلطة المحلّية أنباء تجمّع النّاس واختلافهم إلى الإمام عليهالسلام ، وكان الوالي مروان بن الحكم ؛ ففزع من ذلك وخاف من عواقبه جدّاً ، فرفع مذكّرة إلى معاوية جاء فيها : أمّا بعد ، فقد كثر اختلاف النّاس إلى الحسين. والله ، إنّي لأرى لكم منه يوماً عصيباً (١).
واضطرب معاوية من تحرّك الإمام الحسين عليهالسلام ؛ فكتب إليه رسالةً جاء فيها : أمّا بعد ، فقد اُنهيت إليّ عنك اُمور ، إن كانت حقّاً فإنّي لم أظنّها بك رغبة عنها ، وإن كانت باطلة فأنت أسعد النّاس بمجانبتها ، وبحظّ نفسك تبدأ ، وبعهد الله توفي ، فلا تحملني على قطيعتك والإساءة إليك ؛ فإنّك متى تنكرني أنكرك ، ومتى تكدني أكدك ، فاتّق الله يا حسين في شقّ عصا الاُمّة ، وأن تردّهم في فتنة (٢).
فضح جرائم معاوية :
كتب الإمام عليهالسلام إلى معاوية مذكّرةً خطيرةً كانت ردّاً على رسالته ، يحمّله فيها مسؤوليّات جميع ما وقع في البلاد من سفك الدماء ، وفقدان الأمن ، وتعريض الاُمّة للأزمات. وتعدّ من أروع الوثائق الرسمية التي حفلت بذكر الأحداث التي صدرت من معاوية ، وهذا نصّها : «أمّا بعد ، بلغني كتابك تذكر فيه أنّه انتهت إليك عنّي اُمور أنت عنها راغب ، وأنا بغيرها عندك جدير ، وأنّ الحسنات لا يهدي لها
__________________
(١) حياة الإمام الحسين عليهالسلام ٢ / ٢٢٣.
(٢) المصدر السابق : ٢ / ٢٢٤.