فتحرّك الحسين عليهالسلام بصفته الإمام المعصوم ؛ ليواجه زيف الحكم وضلالته. وفعلاً أسفر التّيار الاُموي عن مكنون حقده بارتكابه الجريمة البشعة في كربلاء بقتل خير النّاس وأصحابه وأهل بيته من الرجال والنساء والأطفال ، ثمّ أعقب ذلك بقصف الكعبة بالمنجنيق في واقعة الحرّة ، وإباحة المدينة ثلاثة أيام ؛ قتلاً ونهباً وسلباً واعتداءً على الأموال والنساء والأطفال بشكل بشع لم يسبق له مثيل (١).
وانتبه المسلمون إلى انحراف الفئة الحاكمة الضالّة وإلى فساد أعمالها ، وسعوا من خلال محاولات عديدة إلى تطهير الجهاز الحاكم المتوغّل في الظلم والطّغيان ، حتّى غدت ثورة الإمام الحسين عليهالسلام اُنموذجاً يُحتذى به لمقارعة ومقاومة كلّ نظام يستشري فيه الفساد. وقد أفصح الإمام عليهالسلام عن الصّفات التي يجب أن يتحلّى بها الحاكم بقوله : «فلعمري ، ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب ، والآخذ بالقسط ، والدائن بالحقّ ، والحابس نفسه على ذات الله» (٢).
٣ ـ إحياء السنّة وإماتة البدعة
انحدرت الاُمّة الإسلاميّة في منحدر صعب يوم انحرفت الخلافة عن مسارها الشّرعي في يوم السّقيفة ؛ فإنّها قبلت بعد وفاة الرّسول صلىاللهعليهوآله أن يتولّى أمرها مَنْ يحتاج إلى المشورة والنّصيحة ، ويخطئ في حقّها ويعتذر ، فكانت النّتيجة بعد خمسين عاماً من غياب النبيّ صلىاللهعليهوآله أن يتولّى أمرها رجل لا يتورّع عن محارم الله ، بل ويظهر الحقد على الإسلام والمسلمين ، فتعرّض الإسلام
__________________
(١) راجع الفتوح ـ لابن أعثم ٥ / ٣٠١ ، والإمامة والسياسة ـ للدينوري ٢ / ١٩ ، مروج الذهب ٢ / ٨٤.
(٢) تأريخ الطبري ٦ / ١٩٧.