الإمام الحسين في عهد أخيه الإمام الحسن عليهماالسلام
حالة الاُمّة قبل الصلح مع معاوية :
لم يكن تفتّتُ أركان المجتمع الإسلامي ـ الذي كان يؤمن بأقدس رسالة سماوية وأعظمها وأشملها ـ في ظلّ حكم معاوية بن أبي سفيان وليد جهود آنيّة ؛ فقد بدأ الانحراف من يوم السقيفة ، إذ تولّى زمام اُمور الاُمّة مَنْ كان لا يملك الكفاءة والقدرة المطلوبة ، وإنّما تصدّى لها مَنْ تصدّى على أساس العصبية القبلية (١) ، ويشهد لذلك قول أبي بكر : وُلّيت أمركم ولست بخيركم (٢).
وانحدرت الاُمّة في واد آخر يوم ميّز عمر بن الخطاب في العطاء بين المسلمين ، مخالفاً سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ومبتدعاً نظاماً طبقياً جديداً ، حتّى إذا حكم عثمان بن عفّان استفحل الفساد ، واستشرى في جهاز الحكم والإدارة حين سيطر فسّاق النّاس وشرارهم على اُمور النّاس ؛ فراحوا يعيثون في الاُمّة فساداً ، كالوليد بن عقبة والحكم بن العاص ، وعقبة بن أبي معيط وسعيد بن العاص وعبد الله بن سعد بن أبي سرح (٣).
وأصبحت العائلة الاُمويّة التي لم تنفتح على الإسلام لتشكل قوّة اقتصادية جرّاء نهبهم لثروات الاُمّة ، وعطايا عثمان لهم بغير حق ، وتغلغلوا في أجهزة الحكم ، وتمكّن معاوية بن أبي سفيان خلال ولايته على الشام منذ عهد عمر أن يُنشئ مجتمعاً وفق ما تهوى نفسه الحاقدة على الإسلام والنبيّ صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ٦.
(٢) عليّ والحاكمون / ١٠٩ ، وتأريخ الخلفاء / ٧١.
(٣) تأريخ اليعقوبي ٢ / ٤١ ، والعقد الفريد ٢ / ٢٦١ ، وأنساب الأشراف ٥ / ٣٨ ، وشرح النهج ١ / ٦٧.