نفارقك حتّى نُقدِمَكَ الكوفة على عبيد الله.
فقال له الحسين عليهالسلام : «الموت أدنى إليك من ذلك». ثمّ قال لأَصحابه : «قوموا فاركبوا». فركبوا وانتظروا حتّى ركبت نساؤهم ، فقال لأصحابه : «انصرفوا». فلمّا ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف ، فقال الحسين عليهالسلام للحرّ : «ثَكَلَتْكَ اُمُّك! ما تريد؟!». قال له الحرّ : أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر اُمّه بالثكل كائناً مَنْ كان ، ولكن والله ما لي إلى ذكر اُمِّك من سبيل إلاّ بأحسن ما نقدر عليه (١).
النزول في أرض الميعاد
أقلقت الأخبار عن تقدّم الإمام الحسين عليهالسلام نحو الكوفة ابن زياد وأعوان السّلطة الاُموية ، فأسرع بكتابه إلى الحرّ بن يزيد الرياحي يطلب فيه أن لا يسمح بتقدّم الإمام حتّى تلتحق به جيوش بني اُميّة ، وتلتقي به بعيداً عن الكوفة ؛ خشية أن يستنهض أهلها ثانية ، وليستغلّ ابن زياد ظروف المنطقه الصّعبة للضغط على الإمام عليهالسلام واستسلامه.
وبغباء المنحرف السّاذج ، وجهالته ردّ حامل كتاب ابن زياد على أحد أصحاب الحسين عليهالسلام ـ يزيد بن مهاجر ـ مدافعاً عمّا جاء به قائلاً : أطعت إمامي ووفيت ببيعتي. فقال له ابن مهاجر : بل عصيت ربّك وأطعت إمامك في هلاك نفسك ، وكسبت العار والنار ، وبئس الإمام إمامك ، قال الله تعالى :
__________________
(١) الإرشاد ٢ / ٨٠ ، تاريخ الطبري ٣ / ٣٠٦.