نتيجة الخروج لطلب الإصلاح ، وإحياء رسالة جدّه النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والوقوف في وجه الظلم والفساد ، فخرج وهو مسلّم لأمر الله وساع لابتغاء مرضاته ، وها هو عليهالسلام يردُّ على الحرّ بن يزيد الرياحي حين قال له : اُذكّرك الله في نفسك ؛ فإنّي أشهد لئن قاتلت لتُقتلنّ ، ولئن قوتلت لتهلكنّ. فقال له الإمام أبو عبد الله عليهالسلام :
أبالموت تخوّفني؟! وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟! ما أدري ما أقول لك ، ولكن أقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه :
سأمضي وما بالموت عارٌ على الفتى |
|
إذا ما نوى خيراً وجاهد مسلما |
وواسى رجالاً صالحين بنفسه |
|
وخالف مثبوراً وفارق مجرما |
فإنْ عشت لم أندم وإنْ متّ لم اُلَم |
|
كفى بك ذلاً أن تعيش وتُرغما (١) |
ووقف عليهالسلام يوم الطفّ موقفاً حيّر به الألباب وأذهل به العقول ، فلم ينكسر أمام جليل المصاب حتّى عندما بقي وحيداً ، فقد كان طوداً شامخاً لا يدنو منه العدوّ هيبةً وخوفاً رغم جراحاته الكثيرة حتّى شهد له عدوّه بذلك ، فقد قال حميد بن مسلم : فوالله ، ما رأيت مكثوراً قطّ قد قُتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً منه ؛ إن كانت الرجّالة لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه فيكشفهم عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا اشتدّ عليها الذئب (٢).
٥ ـ إباؤه عليهالسلام :
لقد تجلّت صورة الثائر المسلم بأبهى صورها وأكملها في إباء الإمام
__________________
(١) تأريخ الطبري ٤ / ٢٥٤ ، والكامل في التأريخ ٣ / ٢٧٠.
(٢) أعلام الورى ١ / ٤٦٨ ، وتأريخ الطبري ٥ / ٥٤٠.