إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه (١) بين نثيله (٢) ومعتلفه (٣) ، وقام معه بنو أبيه يخضمون (٤) مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع (٥) ، إلى أن انتكث عليه فتله (٦) ، وأجهز (٧) عليه عمله ، وكبت (٨) به بطنته (٩).
موقف مع أبي ذرّ الغفاري :
أمعن الخليفة عثمان بن عفان في التنكيل بالمعارضين والمندّدين بسياسته ، غير مراعٍ حرمة أو كرامة أحد من صحابة الرّسول صلىاللهعليهوآله الذين طالتهم يداه ، فصبّ عليهم جام غضبه ، وبالغ في ظلمهم وإرهاقهم.
وكان أبو ذر الغفاري ـ وهو أقدم أصحاب الرّسول صلىاللهعليهوآله الذين سبقوا إلى الإسلام ـ واحداً من المندّدين بسياسة عثمان والرافضين لها ، وقد نهاه عثمان عن ذلك فلم ينته ، فالتاع عثمان وضاق به ذرعاً فأبعده إلى الشّام ، وفي الشّام أخذ أبو ذر يوقظ النّاس ، ويدعوهم إلى الحذر من السّياسة الاُمويّة التي كان ينتهجها معاوية بن أبي سفيان والي عثمان الاُموي على الشّام.
لقد غضب معاوية على حركة أبي ذرّ ، وكتب إلى عثمان يخبره بخطره عليه ، فاستدعاه إلى المدينة ، لكنّ هذا الصحابي الجليل واصل مهمّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتحذير من خطر الاُموية الدخيلة على
__________________
(١) نافجاً حضنيه : رافعهما ، والحضن : ما بين الإبط والكشح.
(٢) النثيل : الروث وقذر الدواب.
(٣) المعتلف : موضع العلف.
(٤) الخضم : أكل الشيء الرطب.
(٥) النبِتة ـ بكسر النون ـ : كالنبات في معناه.
(٦) انتكث عليه فتله : انتقض.
(٧) أجهز عليه : تمّم قتله.
(٨) كبت به : من كبا الجواد إذا سقط بوجهه.
(٩) البِطنة ـ بالكسر ـ : البطر والأشر والتخمة.