بذلك في وصيّته لأخيه محمّد بن الحنفيّة حين كتب له : «إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ، ولا ظالماً ولا مفسداً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي ؛ اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».
إنّ الإصلاح المقصود هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كلّ جوانب الدين والحياة ، وقد تحقّق ذلك من خلال النهضة العظيمة التي قام عليهالسلام بها ، فكانت الهداية والرعاية للبشر دينياً ومعنوياً ، وإنسانياً واُخروياً بمقتله وشهادته ، وتلك النهضة التي عليها تربّت أجيال من الاُمّة ، وتخرّجت من مدرستها الأبطال والصناديد ، ولا زالت وستبقى المشعل الوضّاء ينير درب الحقّ والعدل والحرية وطاعة الله إلى يوم القيامة.
٥ ـ إيقاظ الضمائر وتحريك العواطف
في أحيان كثيرة لا يستطيع أصحاب العقائد ودعاة الرسالات أن يحاوروا العقل والذهن مجرّداً معزولاً عن عنصر العاطفة لأجل تعميق المعتقد والفكر لدى الجماهير ، وقد ابتليت الاُمّة الإسلاميّة في عهد الإمام الحسين عليهالسلام وبعد تسلّط يزيد بحالة من الجمود والقسوة ، وعدم التحسّس للأخطار التي تحيط بها ، وبفقدان الإرادة في مواجهة التحديات ضدّ العقيدة الإسلاميّة ؛ لهذا لم يكتف الإمام الحسين عليهالسلام بتثبيت الموقف الشّرعي وتوضيحه عملياً من خلال موقفه الجهادي ، بل سعى إلى إيقاظ ضمائر النّاس ، وتحريك وجدانهم وأحاسيسهم ليقوموا بالمسؤولية. فسلك سبيل البذل والعطاء والتضحية من أجل العقيدة والدين ، واتّخذ اُسلوب الاستشهاد الذي يدخل بعمق وحرارة في قلوب الجماهير ، وقد ضرب لنا مثلاً رائعاً حينما برّزت ثورته أنّ التضحية لم تكن مقصورة على فئة أو مستوىً معيّن من