(وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ) (١).
وحالت جنود ابن زياد قافلة الإمام الحسين عليهالسلام دون الاستمرار في المسير ، فقد منعهم جيش الحرّ بن يزيد ، وأصرّوا على أن يدفعوا الإمام عليهالسلام نحو عراء لا خضرة فيها ولا ماء.
وكان زهير بن القين متحمّساً لقتال جيش الحرّ قبل أن يأتيهم المدد من قوات بني اُميّة ، فقال للحسين عليهالسلام : «إنّ قتالهم الآن أيسر علينا عن قتال غيرهم» ، ولكنّ الإمام عليهالسلام رفض هذا الرأي ؛ لأنّ القوم لم يعلنوا حرباً عليه بعد ، وما كان ذلك الموقف النبيل إلاّ لما كان يحمله الإمام من روح تتسع للاُمّة جمعاء ، وأيضاً لعظيم رسالته التي يدافع عنها وقِيَمهِ التي كان يسعى إلى بنائها في الاُمّة رغم أنّها بدت تظهر العداء سافراً ضدّه ، فقال عليهالسلام : «ما كنت لأبدأهم بقتال».
وكان نزول الإمام في كربلاء في يوم الخميس الثاني من محرّم سنة إحدى وستين (٢) ، ثمّ اقترح زهير على الإمام عليهالسلام أن يلجأوا إلى منطقة قريبة يبدو فيها بعض ملامح التحصين لمواجهة الجيش الاُموي لو نشبت المعركة.
وسأل الإمام عليهالسلام عن اسم هذه المنطقة فقيل له : كربلاء ، عندها دمعت عيناه وهو يقول : «اللّهمّ أعوذ بك من الكرب والبلاء». ثمّ قال : «ذات كرب وبلاء ، ولقد مرّ أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفّين وأنا معه فوقف ، فسأل عنه فاُخبر باسمه فقال : ها هنا محطّ ركابهم ، وها هنا مهراق دمائهم. فسُئل عن ذلك فقال : ثقل لآل بيت محمّد
__________________
(١) سورة القصص / ٤١.
(٢) تأريخ الطبري ٣ / ٣٠٩ ، ومعجم البلدان ٤ / ٤٤٤ ، وإعلام الورى ١ / ٤٥١ ، والأخبار الطوال / ٢٥٢ ، وبحار الأنوار ٤٤ / ٣٨٠.