(٢٥)
درّة نجفيّة
في الشبهة المحصورة وغير المحصورة
الظاهر من كلام جمهور الأصحاب ، بل لا أعرف فيه خلافا إلّا من بعض متأخّري المتأخّرين ممن سيأتي ذكرهم هو الفرق بين المحصور وغير المحصور بالنسبة إلى اشتباه الحلال بالحرام والنجس بالطاهر ، بمعنى أنه لو اختلط الحلال بالحرام ، والنجس بالطاهر في أفراد محصورة حكم بتحريم الجميع ونجاسته ، ولو اشتبه أحدهما بالآخر في أفراد غير محصورة كان كل من تلك الأفراد على ظاهر الحليّة والطهارة ، حتى يعلم الحرام أو النجس بعينه.
ووجه الفرق بينهما ظاهر ؛ وذلك فإنه مع كون تلك الأفراد محصورة في عدد معيّن وأشخاص متميزة ، فإنه يعلم وجود الحرام قطعا ، والشارع قد أوجب اجتنابه مطلقا ـ أعم من أن يكون متعينا متشخصا ، أو مختلطا بأفراد محصورة ـ إذ الأدلة الدالة على وجوب اجتنابه مطلقة ، فإن قوله سبحانه (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (١) شامل بإطلاقه لما لو كانت الميتة متميزة ، ولما لو كانت مشتبهة بفردين أو ثلاث مثلا. وقوله سبحانه (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ) (٢) الآية ، شامل بإطلاقه لما لو كانت الامّ متشخّصة ، ولما لو كانت مشتبهة بأجنبية أو
__________________
(١) المائدة : ٣.
(٢) النساء : ٢٣.