وقيل : (مجموع خصال النبوة سبعون وإن لم يعلمها تفصيلا ومنها الرؤيا ، والمنام الصادق من المؤمن خصلة واحدة لها هذه النسبة مع تلك الخصال) (١).
أقول : ولا يبعد عندي أن يكون ذكر السبعين إنما خرج مخرج التمثيل ، كما قيل في قوله سبحانه (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (٢) ، وكذا قيل في قوله تعالى (ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) (٣) ، أي طويلة. وحينئذ ، فلا ضرورة إلى هذه التكلفات ، والله العالم.
المقام الخامس : في أنه هل تكون رؤيا المعصوم شيطانية؟
قد روى الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي في تفسيره في تفسير قوله تعالى : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) (٤) ـ الآية ـ عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «كان سبب نزول هذه الآية أن فاطمة عليهاالسلام رأت في منامها أن رسول الله صلىاللهعليهوآله همّ أن يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم ـ من المدينة ، فخرجوا حتى جاوزوا من حيطان المدينة ، فعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات اليمين حتى انتهى إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلىاللهعليهوآله شاة [كبراء] وهي التي في أحد اذنيها نقط بيض ، فأمر بذبحها ، فلما أكلوا ماتوا في [مكانهم] (٥) منامهم ، فانتبهت فاطمة عليهاالسلام باكية ذعرة ، فلم تخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك.
فلما أصبحت جاء (٦) رسول الله صلىاللهعليهوآله بحمار ، فأركب عليه فاطمة عليهاالسلام ، وأمر أن يخرج أمير المؤمنين عليهالسلام والحسن والحسين عليهماالسلام من المدينة كما رأت فاطمة عليهاالسلام في نومها ، فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات اليمين
__________________
(١) شرح الكافي (المازندراني) ١١ : ٤٤٦.
(٢) التوبة : ٨٠.
(٣) الحاقة : ٣٢.
(٤) المجادلة : ١٠.
(٥) من المصدر ، وفي النسختين : منامهم.
(٦) ليست في «ح».