(٢٠)
درّة نجفيّة
في تكليف الكافر بالفروع
المشهور بين الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ بل كاد يكون إجماعا أن الكافر في حال كفره مكلف بالفروع الشرعيّة ، ولم ينقلوا في ذلك خلافا حتّى عن علماء العامّة ، إلّا عن أبي حنيفة (١) ، قالوا : لكن لا تصحّ منه في حال كفره ؛ لاشتراط الصحّة بالإسلام ، وصرّحوا بأنه لا يجبّ الإسلام ما عدا الصلاة من تلك الأحكام ؛ لبقاء السبب الموجب للتكليف وخروجها بنصّ خاصّ ، فلو أجنب في حال كفره مثلا ، وجب عليه الغسل بتلك الجنابة ، بعد دخوله في الإسلام.
وما ذكروه ـ رضوان الله عليهم ـ من وجوب التكليف على الوجه المذكور لم أقف لهم فيه على دليل يشفي العليل ، ويبرد (٢) الغليل ، بل ربّما كان الدليل على خلافه واضح السبيل وإن اتّفقوا على ذلك جيلا بعد جيل. وما استدل به العلّامة ـ طاب ثراه ـ في كتاب (المنتهى) (٣) سيظهر لك ما فيه ، وسنكشف عن باطنه وخافيه.
والذي يظهر لي مما وقفت عليه من الأخبار (٤) التي عليها المعوّل والمدار ،
__________________
(١) عنه في منتهى المطلب ٢ : ١٨٨ ، فواتح الرحموت (في هامش المستصفى في علم الاصول) ١ : ١٢٨.
(٢) في النسختين : ولا يبرد.
(٣) منتهى المطلب ٢ : ١٨٨ ـ ١٨٩.
(٤) ستأتي في الوجه الرابع.