وثانيا : أنه يلزم من ذلك عدم جواب الإمام عليهالسلام في الخبر المبحوث عنه عن إشكال السائل المتخوّف من ورود السباع.
ومنها أن الحكمة إزالة توهّم ورود الغسالة ؛ إما بحمل ما يرد على الماء على وروده ممّا نضح على البدن قبل الغسل الذي ليس من الغسالة ؛ وإما إنه مع الاكتفاء بالمسح بعد النضح لا يرجع إلى الماء شيء. ولا يخلو أيضا من المناقشة.
ومنها أن الحكمة في ذلك ليجري ماء الغسل على البدن بسرعة ، ويكمل الغسل قبل وصول الغسالة إلى ذلك الماء.
واعترض عليه ، بأن سرعة جريان ماء الغسل على البدن مقتض لسرعة تلاحق أجزاء الغسالة وتواصلها ، وهو يعين على سرعة الوصول إلى الماء.
واجيب بأن انحدار الماء من أعالي البدن إلى أسافله أسرع من انحداره إلى الأرض المائلة إلى الانخفاض ؛ لأنه طالب للمركز على أقرب الطرق ، فيكون انفصاله عن البدن أسرع من اتصاله بالماء الذي يغترف منه. هذا إذا لم تكن المسافة بين مكان الغسل وبين الماء الذي يغترف منه قليلة جدا ، فلعله كان في كلام السائل ما يدل على ذلك ، كذا نقل عن شيخنا البهائي قدسسره (١).
الموضع الثاني : في اشتمال الخبر على بعض الأحكام الشاذة
أن هذا الخبر قد اشتمل على جملة من الأحكام المخالفة لما عليه علماؤنا الأعلام ، منها أمره عليهالسلام بغسل رأسه ثلاث مرات ومسح بقية بدنه ، فإنه يدل على إجزاء المسح عن الغسل عند قلّة الماء. وهو غير معمول عليه عند جمهور الأصحاب عدا ابن الجنيد ، فإن المنقول عنه وجوب غسل الرأس ثلاثا والاجتزاء
__________________
(١) مشرق الشمسين : ٤٠٨.