مختلطة بامرأتين أو أكثر. وهكذا باقي المحرمات في الآية.
غاية الأمر أن وجوب الاجتناب في موضع الاشتباه لمّا كان لا يمكن ولا يتم إلّا باجتناب جملة الأفراد المختلطة بها ، وجب اجتناب الجميع ، من باب (ما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب) ، وأمّا في غير المحصورة فإنه لا يعلم وجود الحرام ثمة ، ولا يقطع بحصوله ، فلا يتعلق التكليف الشرعي باجتنابه ووجوده في الواقع ونفس الأمر بحيث يحتمل كون هذا الفرد والأفراد منه لا يجدي نفعا في المقام ؛ لأن الشارع لم يجعل الواقع ونفس الأمر مناطا للأحكام الشرعية ، وإنما جعلها منوطة بنظر المكلف وعلمه كما لا يخفى على من أحاط خبرا بالقواعد الشرعية والضوابط المرعية. ولم أر من خالف في هذه القاعدة الكلية والضابطة الجلية ، سوى جماعة من متأخّري المتأخّرين وذلك في مقامين :
المقام الأول : في مسألة الإناءين
حيث إن الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ بناء على القاعدة المذكورة المؤيدة بالأخبار ، ولا سيما في خصوص المسألة المذكورة ـ أوجبوا اجتنابهما معا ، بل نقل الإجماع على ذلك جماعة من أجلاء الأصحاب منهم الشيخ في (الخلاف) (١) ، والمحقق في (المعتبر) (٢) والعلّامة في (المختلف) (٣) ، واحتج في (المعتبر) بعد نقل الاتفاق على ذلك : بأن (يقين الطهارة في كل منهما معارض بيقين النجاسة ولا رجحان ، فيتحقق المنع) (٤).
وأورد عليه في (المعالم) بأن يقين الطهارة في كل واحد بانفراده إنما يعارضه الشك في النجاسة لا اليقين (٥). ونقل السيد السند في (المدارك) عن العلّامة أنه
__________________
(١) الخلاف ١ : ١٩٦ / المسألة : ١٥٣.
(٢) المعتبر ١ : ١٠٣.
(٣) مختلف الشيعة ١ : ٨١ / المسألة : ٤٣.
(٤) المعتبر ١ : ١٠٣.
(٥) معالم الدين وملاذ المجتهدين / قسم الفقه ١ : ٣٧٨.