المقام ـ على الكراهة جمعا بينها وبين ما عارضها.
فالكراهة حينئذ حاصلة في الموضعين ، فبأي وجه استحق العامل (١) بأحد المكروهين التشنيع دون الآخر مع أن الكراهة ثمة أشدّ لقوة دليلها ووضوح سبيلها؟
وإن أجاب : بأن الكراهة قد زالت بالحيلولة بهذا الصندوق الموضوع الآن.
قلنا : فما بال هذه الكراهة أو التحريم على القول به تزول بالحيلولة بذلك الصندوق ولا تزول الكراهة أو التحريم المدعى في المساواة بذلك؟ ولكن الإنصاف مفقود في هذا الزمان وإن كان من العلماء الأعيان.
إلحاق فيه إشفاق في الردع عن بعض العادات
هذا ومن العجب العجاب عند ذوي الألباب ـ وإن كان لا عجب في مثل هذا الزمان الذي عظم فيه الانقلاب ، وتغيرت فيه رسوم السنة و (الكتاب) ـ أنه قد بلغ بالمجاورين لهذا المشهد الشريف الكريم من قلّة الاحترام له والتعظيم والجرأة فيه بقلة الكمال في حقه والآداب إلى ما نسأل الله سبحانه العفو عن المؤاخذة به في الاولى والمآب ، وقد اتفق على ذلك الرعاع منهم والعلماء الأعلام الذين هم المرجع في تشريع الأحكام للأنام ، وتحليل الحلال وتحريم الحرام من التحدث في الروضة المقدّسة بالأحاديث الدنيوية ، والجلوس حلقا مجتمعين على تلك العادات الرديّة ، والجلوس في وقت الحر مكشّفي الرؤوس محلّلي الأزرار وفي أيديهم المراوح ، يروحون أنفسهم عن الحر حال الزيارة وحال الجلوس. وربما ترى أحدهم يخلع ثيابه كملا ويبقى في قميص واحدة مكشوف الرأس ، كأنه جالس في بيته مع زوجته.
__________________
(١) في «ح» : القائل.