هذه عاداتهم القبيحة لا تناكر بينهم في ذلك ، ولا يزري أحد على أحد فيما هنالك ؛ لاتّفاق الجميع عليه من جاهل وعالم ، وصالح وظالم ، كأنهم لم يعوا ولم يسمعوا ما ورد في حق هذا المقام من مزيد التعظيم له والإكرام. أو لم يسمعوا ويحهم ما ورد عنهم عليهمالسلام من أن الزائرين له عليهالسلام بمرأى ومنظر من النبي صلىاللهعليهوآله ومن علي عليهالسلام وفاطمة عليهاالسلام ومنه (١) عليهم جميعا أفضل الصلاة والسّلام ، وأنهم ينادون زوارهم ويخاطبونهم ويبشرونهم بما لهم عند الله سبحانه وعندهم ـ صلوات الله عليهم ـ من رفيع الدرجات ومزيد الأجر في أعلى قصور الجنات (٢)؟
وحينئذ ، فهل يجوز لمن كان بمرأى منهم ومنظر في هذا المكان أن يأتي بهذه (٣) الأفعال الغير اللائقة والامور الغير الموافقة لتعظيمهم ولا المطابقة؟ أو لم يعلموا ويحهم أن حرمته عليهالسلام ميتا كحرمته حيا؟ أرأيت أنه لو كان جالسا في مجلس فهل يجوز لمؤمن بالله سبحانه وبهم ـ صلوات الله عليهم ـ أن يأتي بأقل قليل من هذه الأفعال في مجلسه بمحضره ومنظره ، وقد ورد أن حرمة المؤمن حيا كحرمته ميتا (٤)؟ فكيف بالمعصوم عليهالسلام؟! وقد ورد في عدة أخبار أن أبا بصير دخل على الصادق عليهالسلام وهو جنب قبل الغسل ، فنظر إليه الإمام عليهالسلام شزرا وقال : «يا أبا بصير ، أهكذا (٥) تدخل بيوت الأنبياء؟» (٦).
وفي دعاء الاستئذان المروي عنهم عليهمالسلام : «اللهم إني وقفت على باب من بيوت
__________________
(١) أي صاحب الضريح المقدّس إن لم يكن من غير المذكورين ، عليهم الصلاة والسّلام.
(٢) بحار الأنوار ٩٨ : ٥١ ـ ٦٨ ، ب ٩.
(٣) من «ح» ، وفي «ق» : بغير هذه.
(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٤٦٥ / ١٥٢٢ ، وسائل الشيعة ٣ : ٢١٩ ، أبواب الدفن ، ب ٥١ ، ح ١.
(٥) في المصدر : هكذا ، بدل : يا أبا بصير أهكذا.
(٦) اختيار معرفة الرجال : ١٧٠ / ٢٨٨ ، وسائل الشيعة ٢ : ٢١٢ ، أبواب الجنابة ، ب ١٦ ، ح ٥.