(لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) (١) وآيات الله غير الله. وقد قال (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) (٢) وإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة». فقال أبو قرة : فتكذّب الروايات؟ فقال أبو الحسن عليهالسلام : «إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبناها.
وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما ، ولا تدركه الأبصار ، وليس كمثله شيء» (٣).
وأنت خبير بأن القائل بهذه المرتبة على وجه الحقيقة أو ما قاربها إنما أراد فتح باب القول بالحلول أو الاتحاد أو وحدة الوجود كما هو المأثور المشهور عن الصوفية ، كما يعطيه التمثيل بالفحم المحترق بالنار حتى صار نارا (٤) يترتب عليه ما يترتب على النار بزعمهم ، وقد عرفت ما فيه.
تذييل جليل ينبئ عن السبب في هذا الضلال والتضليل
أقول : ينبغي أن يعلم أن الأصل في هذه المقالات ـ يعني دعوى الكشف والوصول إلى الله على الوجه الذي تدعيه الصوفية من الرؤية والمعاينة والفناء في الله بالاحتراق ، ونحو ذلك من تلك الخرافات بمجرد العقول والأفكار والرياضات التي يعملونها والأوراد والأذكار ـ هم الفلاسفة الكفرة والحكماء الفجرة لدفع نبوّة الأنبياء المبعوثين في زمانهم لهم ولغيرهم. كما نقل عن أفلاطون أنه لما دعاه عيسى ـ على نبينا وعليهالسلام ـ أجابه بأنك إنما ارسلت إلى ضعفة العقول
__________________
(١) النجم : ١٨.
(٢) طه : ١١٠.
(٣) الكافي ١ : ٩٥ ـ ٩٦ / ٢ ، باب في إبطال الرؤية.
(٤) أقول : قال الشيخ البهائي رحمهالله : (قال الشيخ العارف مجد الدين البغدادي : رأيت النبي صلىاللهعليهوآله في المنام فقلت : ما تقول في حق ابن سينا؟ فقال صلىاللهعليهوآله : هو رجل أراد أن يصل إلى الله تعالى بلا واسطتي فمحقته بيدي هكذا ، فسقط في النار. (هامش «ح»).