تبق من مبشرات النبوة إلّا (١) الرؤيا الصادقة يراها الرجل المسلم».
وأما الكافر والكاذب والمخلط وإن صدقت رؤياهم في بعض الأحيان ، فلأنها (٢) لا تكون من الوحي ولا من النبوة ؛ إذ ليس كل من صدق في حديث عن غيب يكون خبره نبوة ، بدليل الكاهن والمنجم ، فإن أحدهم قد يحدث ويصدق ، لكن على الندرة. وكذلك الكافر قد تصدق رؤياه ، كرؤيا العزيز سبع بقرات (٣) ، ورؤيا الفتيين في السجن (٤). ولكن ذلك قليل بالنسبة إلى مناماتهم المخلّطة الفاسدة) (٥) انتهى.
وأما ما ذكره شيخنا المفيد قدسسره من التقسيم ، فظني أن شكله عقيم ؛ إذ لا مانع من أن يتصور إبليس بصورته صلىاللهعليهوآله في حال الأمر بالطاعة والنهي عن المعصية. وقوله : (لأن الشيطان لا يتشبه بالنبي صلىاللهعليهوآله في شيء من الحق والطاعات) مجرد دعوى ؛ فإنه إذا جوّز تصوره بصورته في إحدى الحالين جاز في الحالة الاولى ، والتلبس بالطاعة وعدمها لا يصلح للفرق ، ولا سيما بناء على ما ذكره من أن رؤيته صلىاللهعليهوآله إنما هي عبارة عن معان تصوّرت في نفس الرائي يخيّل إليه منها أنه رآه.
المقام الثالث : في حجّية قول المعصوم في المنام
في أنه هل يكون ما يراه الرائي ويسمعه من فعله عليهالسلام وقوله حجة في الأحكام الشرعية أم لا؟ لم أقف لأحد في ذلك على كلام إلّا لشيخنا العلّامة ـ أجزل الله تعالى إكرامه ـ في أجوبة مسائل السيد السعيد مهنا بن سنان المدني رحمهالله حيث قال : (ما يقول سيدنا فيمن رأى في منامه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أو بعض الأئمّة عليهمالسلام ، وهو
__________________
(١) في «ق» بعدها : ان ، وما اثبتناه وفق «ح» والمصدر.
(٢) في «ح» : فإنها.
(٣) إشارة إلى الآية : ٤٣ من سورة يوسف.
(٤) إشارة إلى الآية : ٣٦ من سورة يوسف.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ٩ : ١٢٤ ـ ١٢٥ ، عنه في شرح الكافي (المازندراني) ١١ : ٤٤٥.