يأمره بشيء أو ينهاه عن شيء؟ هل يجب عليه امتثال ما أمر به أو اجتناب ما نهاه عنه أم لا يجب ذلك مع ما صح عن سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أنه قال : «من رآني في منامه فقد رآني (١) ، فإن الشيطان لم يتمثل بي» ، وغير ذلك من الأحاديث (٢)؟
وما قولكم ، لو كان ما أمر به أو نهى عنه على خلاف ما في أيدي الناس من ظاهر الشريعة ، هل بين الحالين فرق أم لا؟ أفتنا في ذلك مبيّنا ، جعل الله كل صعب عليك هيّنا).
فأجاب ـ نوّر الله مرقده ، وأعلى الله مقعده ـ : (أما ما يخالف الظاهر فلا ينبغي المصير إليه ، وأما ما يوافق الظاهر فالأولى المتابعة من غير وجوب ؛ لأن رؤيته عليهالسلام لا تعطي وجوب الاتباع في المنام) (٣) انتهى.
أقول : لا يخفى ما في كلام السائل والمسؤول من التأييد لما قدمناه ، من كون رؤيته صلىاللهعليهوآله في المقام رؤية حقيقة ، لا أنها عبارة عن مجرّد حصول الصورة في الحس المشترك الذي هو عبارة عن مجرد تخيّله وتصوره ؛ إذ مجرد التخيّل والتصوّر لا يصح أن يترتب عليه حكم شرعي لا وجوبا ولا استحبابا.
وحاصل جواب العلّامة قدسسره أنه وإن كان قد رآه في المنام إلّا إنه لم يقم دليل على وجوب الاتباع في الرؤية النومية. وهو جيد :
أما أولا ، فلأن الأدلة الدالة على وجوب متابعتهم وأخذ الأحكام عنهم ـ صلوات الله عليهم ـ إنما تحمل على ما هو المعروف المتكرر دائما ؛ لما حققناه في غير موضع من زبرنا ومصنفاتنا من أن الأحكام المودعة في الأخبار إنما تحمل على الأفراد المتكررة الكثيرة الدوران ، فإنها هي التي ينصرف إليها
__________________
(١) فقد رآني ، من «ح» والمصدر.
(٢) انظر في هذا الحديث وغيره بحار الأنوار ٥٨ : ٢٣٤ ـ ٢٤٤.
(٣) أجوبة المسائل المهنائية : ٩٧ ـ ٩٨ / المسألة : ١٥٩.