ومشتق من لوامع تلك البروق الصمدانية. ولذا ورد في الخبر عنه صلىاللهعليهوآله : «يا علي ، ما عرف الله إلّا أنا وأنت ، ولا عرفني إلّا الله وأنت ، ولا عرفك إلّا الله وأنا» (١) ، وهذه المعرفة جارية (٢) فيهما وفي أبنائهما المعصومين ، صلوات الله عليهم أجمعين.
وحينئذ ، فلا مطمع للوقوف على كنه حقائقهم [و] ذواتهم (٣) المقدّسة كسائر الأنام ، وقياسهم على غيرهم من البشر في أمثال هذه الأحكام. ومن نظر إلى عباداتهم وأذكارهم وتسبيحهم في عالم الأرواح ، علم أنه لا مساح له عما ذكرنا ولا براح.
الثاني : أنه كيف يمكن القول بهذا الخبر على إطلاقه ، وهو يستلزم التناقض الذي نبه عليه شيخنا المفيد ، وسيدنا المرتضى ـ رضياللهعنهما ـ من رؤية المحقّ والمبطل ، والمؤمن والكافر له صلىاللهعليهوآله ، وإخبار كل منهم عنه صلىاللهعليهوآله بما يوافق اعتقاده؟
والجواب عن ذلك أنه لا بدّ من تخصيص الخبر المذكور برؤيا المؤمن خاصة لما عرفت آنفا من اشتراط صحة الرؤيا غالبا بالإيمان والصلاح والتقوى ، وإن فرضنا صدق رؤيا غيره فهو نادر ، فيحمل الخبر على ما هو الأكثر الغالب. ومثل هذا الحمل غير عزيز في الأخبار كما لا يخفى على من جاس خلال تلك الديار.
قال القرطبي من علماء المخالفين في شرح قوله صلىاللهعليهوآله : «الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة» : (الرؤيا لا تكون جزءا من النبوة إلّا إذا وقعت من مسلم صالح صادق ؛ لأنّه الذي يناسب حاله حال النبي ، وكفى بالرؤيا شرفا أنها نوع ممّا أكرمت به الأنبياء ، وهو الاطلاع على شيء من علم الغيب ، كما قال صلىاللهعليهوآله : «لم
__________________
(١) مشارق أنوار اليقين : ١١٢ ، وفيه : ما عرفك إلّا الله وأنا ، وما عرفني إلّا الله وأنت ، وما عرف الله إلّا أنا وأنت.
(٢) من «ح».
(٣) في «ح» : حقائق ذواتهم ، بدل : حقائقهم وذواتهم.