منهم ـ صلوات الله عليهم ـ وهم في ذلك العالم بلا ريب؟
ولما (١) ورد في الأخبار من أنهم ـ صلوات الله عليهم ـ ينقلون بعد الدفن بأجسادهم الشريفة إلى السماء (٢) ، وأن الزائر إنما يزور مواضع قبورهم ، فهم أحياء في السماء منعّمون كما كانوا في الدنيا ، فأيّ مانع من اتّصال الروح بهم هناك حينئذ (٣)؟
وأما ثالثا ، فلا ريب أن الأخبار قد استفاضت بأنه ما من ميت يموت في شرق الأرض ولا غربها إلّا ويرى حال موته النبيّ صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام ، وليست هذه الرؤية بحاسة البصر ؛ لشمول ذلك للأعمى ، ومن تعطل بصره في تلك الحال ، بل الرؤية إنما هي بهذه الروح التي تصعد وقت النوم ، وهذه الرؤية حال النوم على حسب تلك الرؤية حال الموت. ولا أظن هذا القائل يلتزم التجوز في رؤيتهما ـ صلوات الله عليهما ـ حال الموت ، لاستفاضة الأخبار وصحّتها وصراحتها بكون الرؤية حقيقة.
غاية الأمر أن في المقام إشكالا مذكورا في محله من أنه كيف يمكن القول بحضورهم عليهمالسلام على جهة الحقيقة مع جواز أن يموت في ساعة واحدة ألوف من الناس في أطراف الأرض من شرقها وغربها وشمالها وجنوبها؟
وهذا مجرد استبعاد عقلي ، فإنا لمّا قام لنا الدليل على ذلك ، وجب علينا القول به ، وبيان كيفية ذلك غير واجب علينا ، فإن ذواتهم المقدّسة عليها مسحة من الذات الإلهية التي تاهت في بيداء معرفتها العقول ، وضلّت في الوصول إلى حقيقتها ألباب الفحول ، ونورهم الذي خلقوا منه منشعب من نور ذاته السبحانية ،
__________________
(١) عطف على قوله : فلما تقدّم المارّ في أوّل الفقرة السابقة.
(٢) بصائر الدرجات : ٤٤٥ / ب ١٣ ، ح ٩ ، بحار الأنوار ٢٧ : ٢٩٩ / ٣.
(٣) ليست في «ح».