وقد عرفت في كلام الشيخ المفيد من تأويله الخبر بقوله : (فكأنما رآني) ، وحمله الرؤية على تخيّل صورته في نفس الرائي.
وقال شيخنا المجلسي ـ عطر الله مرقده ـ في كتاب (البحار) بعد نقل جملة من كلمات العامة الدالة على حمل الرؤية على الحقيقة ما صورته : (والظاهر أنها ليست رؤية بالحقيقة ، وإنّما هو بحصول الصورة في الحس المشترك أو غيره بقدرة الله تعالى.
والغرض من هذه العبارة بيان حقيّة (١) الرؤيا ، وأنها من الله لا من الشيطان.
وهذا المعنى هو الشائع في مثل هذه العبارة ، كأن يقول رجل : من أراد أن يراني فلير فلان ، أو من رأى فلان فقد رآني ، أو من وصل فلان فقد وصلني. فإن كل هذه محمولة على التجوز والمبالغة ، ولم يرد بها معناها حقيقة) (٢) انتهى.
ولا يخفى بعده :
أما أولا ، فلما رواه في كتاب (كمال الدين) من أنه روى في الأخبار الصحيحة ، عن أئمّتنا عليهمالسلام : أن من رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله أو أحدا من الأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ قد دخل مدينة أو قرية في منامه ، فإنه أمن لأهل المدينة أو القرية ممّا يخافون ويحذرون ، وبلوغ لما يأملون ويرجون. فإن ترتّب هذه الامور على مجرد وجود الصورة في الحس المشترك ونحوه بعيد غاية البعد.
وأمّا ثانيا ، فلما تقدم من أن الرؤيا الصادقة عبارة عما تراه الروح بعد خروجها من الجسد حال النوم وصعودها إلى الملكوت ، فكل ما رأته (٣) فهو حق. وهذا القائل قد اعترف بذلك في الكتاب المشار إليه ، فما المانع من أن تتّصل بأحد
__________________
(١) في «ح» : حقيقة.
(٢) بحار الأنوار ٥٨ : ٢٣٧.
(٣) في «ح» بعدها : ثمّة.