وثانيهما : كون رؤيا المعصوم شيطانيا ، وتسلط الشيطان عليه في المنام ، وهو مناف لشرف (١) عصمتهم ـ صلوات الله عليهم ـ وقد وقفت على كلام لبعض مشايخنا المتأخّرين يتضمن الجواب عن الإشكال الثاني ، قال قدسسره بعد نقل الخبر المذكور : (وتعرض الشيطان لفاطمة عليهاالسلام ، وكون منامها المضاهي للوحي شيطانيا وإن كان بعيدا ، ولكن باعتبار عدم بقاء الشبهة وزوالها سريعا ، وترتب المعجز من الرسول صلىاللهعليهوآله في ذلك ، والمنفعة المستمرة للامة ببركتها يقل الاستبعاد. والحديث مشهور متكرر في الاصول) (٢) انتهى.
وأما الإشكال الأول فلم أقف على كلام لأحد يتضمن ذكره فضلا عن الجواب عنه ، ويخطر بالبال الفاتر والخيال القاصر أحد وجهين :
الأول : أنه لعل ما دلّت عليه الأخبار المتقدمة من أن الشيطان لا يتصور في صورة أحد منهم عليهمالسلام ، إنما وقع بعد هذه القضية ، إلّا إنه لا يخلو من بعد.
الثاني : أن يخص تعرض الشيطان لها عليهاالسلام في المنام بإراءته لها أنهم قد ماتوا بعد الأكل ، وإلّا فجميع ما رأته كان حقّا وصدقا ، والذي تخلف منه إنما هو رؤيتها لموتهم بعد الأكل.
وحينئذ ، فيحمل قولهم في الخبر إن الشيطان أراها عليهاالسلام هذه الرؤيا على هذا القدر منها. وباب التجوز واسع كما لا يخفى ، وظني قرب هذا الجواب ، وأنه لا يعدل عنه في الباب ، والله العالم.
__________________
(١) في «ح» : بشرف.
(٢) بحار الأنوار ٥٨ : ١٨٨ / ٥٣.