الوشاء عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه كرّه سؤر ولد الزنا واليهودي والنصراني والمشرك وكلّ من خالف الإسلام ، وكان أشدّ ذلك عنده سؤر الناصب.
والمراد بالكراهة هنا هو التنجيس وتحريم الاستعمال لا المعنى المصطلح بين الاصوليّين والفقهاء ؛ لعدم تأتّيه في سؤر المشرك للإجماع على نجاسته وحمل الكراهة على ما هو أعمّ من كراهة التنزيه والتنجيس. وتحريم الاستعمال موجب لاستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، وهو ممتنع عند جمع من الاصوليّين وحمله على القدر المشترك ـ وهو [مطلق] المرجوحية ـ يوجب الإخلال بالبيان ، مع أن السيّد العلّامة السيّد محمدا في (المدارك) (١) ، وتلميذه الفاضل الأمين الأسترابادي في (حواشي الفقيه) ذكرا أن الكراهة في إطلاقاتهم عليهمالسلام حقيقة في التحريم. ولنا فيه بحث ليس هذا موضعه.
وبالجملة ، فالأخبار المشعرة بهذا المعنى كثيرة ، إلّا إنّها قابلة للتأويل ، غير خالية من قصور في سند أو دلالة ، والقائل بمضمونها قليل نادر ، وأكثر أصحابنا على إسلامه وطهارته وإمكان تديّنه وعدالته وصحّة دخوله الجنّة.
وأنا في هذه المسألة متوقّف وإن كان القول الثاني لا يخلو من قوّة ومتانة ، وهو فتوى الشيخين (٢) ، والفاضلين (٣) ، والشهيدين (٤) ، وكافة المتأخّرين (٥). ويعضده الأصل والنظر إلى عموم سعة رحمة الله وتفضّله بالألطاف الربّانيّة والعنايات السبحانية على كافة البريّة.
وتحقيق البحث في ذلك يفضي إلى الإسهاب ، وفيما ذكرناه كفاية لاولي
__________________
(١) مدارك الأحكام ٧ : ٣٧٩.
(٢) لم نعثر عليه عند الشيخ المفيد ، الخلاف ١ : ٧١٣ ـ ٧١٤ / المسألة : ٥٢٢ ، النهاية : ٥٤٢.
(٣) شرائع الإسلام ٣ : ٨٠ ، مختلف الشيعة ٨ : ٣١ / المسألة : ٢.
(٤) الدروس ٢ : ١٨٢.
(٥) غاية المرام في شرح شرائع الإسلام ٣ : ٣٦٠.