الألباب) (١) انتهى كلامه ، زيد مقامه.
أقول : لقد دخل شيخنا قدسسره في هذه المسألة من غير الطريق ، وعرّج على الاستدلال فيها من واد سحيق ، ولم يمعن النظر فيها بعين التحقيق ، ولا الفكر الصائب الدقيق ، ولم يورد شيئا من أخبارها اللائقة بها حسبما يراد ؛ فلذا صار كلامه معرضا للإيراد ؛ حيث لم يوافق المطلوب والمراد. وبيان ذلك يظهر من وجوه النظر التي تتوجّه على كلامه ، الظاهرة في تداعي ما بنى عليه وانهدامه :
فأحدها : جعله محلّ الخلاف في المسألة أنه هل يقع من ابن الزنا الإيمان والتديّن أم يقطع بعدمه؟ وجملة القول بكفره على معنى أنه لا يقع منه إلّا الكفر ، وإلّا فانه لا ينكرون أنه لو فرض إيمانه وتديّنه أمكن دخوله الجنّة ، بل وجب ؛ فإنّه ليس في محلّه ، بل هؤلاء القائلون بكفره يقولون به وإن أظهر الإيمان كما صرّح بذلك جملة من علمائنا الأعيان منهم شيخنا خاتمة المحدّثين صاحب (بحار الأنوار) حيث قال فيه : (ونسب إلى الصدوق والسيّد المرتضى وابن إدريس القول بكفره وإن لم يظهره).
ثم قال : (وهذا مخالف لأصول العدل ؛ إذ لم يفعل باختياره ما يستحق به العقاب فيكون عقابه ظلما وجورا والله ليس بظلام للعبيد) (٢) انتهى.
وهذا المعنى هو الذي تدلّ عليه الأخبار كما ستمر بك قريبا إن شاء الله تعالى ؛ فإنّها صريحة في حرمانه الجنّة وإن كان ظاهره التديّن بالإيمان.
نعم ، ما ذكره من القول بالكفر إنما هو وجه تأويل حيث حمل القائلون بإسلام ولد الزنا الأخبار الدالّة على عدم دخوله الجنّة على أنه لكونه يظهر الكفر ، فجعلوه جوابا عن الأخبار المذكورة ، مع أنها صريحة في ردّه كما سيظهر لك ،
__________________
(١) أجوبة الشيخ سليمان الماحوزي : ٣٦ ـ ٣٩.
(٢) بحار الأنوار ٥ : ٢٨٨.