من حيث خبث الولادة لا من حيث الكفر الذي زعموا حمل الأخبار عليه كما قدّمنا نقله عنهم.
وروى في كتاب (المحاسن) أيضا بسنده عن أيّوب بن الحرّ عن أبي بكر قال : كنا عنده ومعنا عبد الله بن عجلان ، فقال عبد الله بن عجلان : معنا رجل يعرف ما نعرف ويقال : إنه ولد زنا. فقال : ما تقول؟ فقلت : إن ذلك ليقال له. فقال : إن كان ذلك كذلك بني له بيت في النار من صدر يرد عنه وهج جهنّم ويؤتى برزقه (١).
قال بعض مشايخنا ـ عطّر الله مراقدهم ـ بعد نقل هذا الخبر : (قوله : (من صدر) أي يبنى له ذلك في صدر جهنّم وأعلاه. والظاهر أنه تصحيف الصبر ـ بالتحريك ـ وهو الجمد) (٢).
وروى في (الكافي) بسنده عن ابن أبي يعفور قال قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إن ولد الزنا يستعمل ؛ إن عمل خيرا جزي به وإن عمل شرا جزي به» (٣).
أقول : هذا الخبر موافق للمشهور من أن ولد الزنا كسائر الناس مكلّف باصول الدين وفروعه ، وتجري عليه أحكام المسلمين ويثاب على الطاعات ويعاقب على المعاصي ، إلّا إنه لا يبلغ قوة المعارضة لما سردناه من الأخبار أولا وآخرا.
وممّا يؤكّدها أيضا ما رواه الصدوق في كتاب (عقاب الأعمال) (٤) والبرقي في (المحاسن) (٥) بإسنادهما عن أبي بصير ليث المرادي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إن نوحا عليهالسلام حمل في السفينة الكلب والخنزير ولم يحمل فيها ولد الزنا ، والناصب شرّ من ولد الزنا».
__________________
(١) المحاسن ١ : ٢٤٦ / ٤٥٩.
(٢) بحار الأنوار ٥ : ٢٨٧ / ١٢.
(٣) الكافي ٨ : ١٩٩ / ٣٢٢.
(٤) عقاب الأعمال (في ذيل ثواب الأعمال) : ٢٥١ / ٢٢.
(٥) المحاسن ١ : ٢٩٦ / ٥٩٣.