وإلّا فأهل الكهف كانوا صيارفة ـ بل باعتبار الفعل المذكور ، وحاصله الردّ على الحسن البصري من حيث إنه توهم المنع من حيث التسمية ، فنبّه عليهالسلام على أن المنع من الجهة المذكورة. وقوله : (يعني) من كلام الصدوق رحمهالله ، والله أعلم) (١) انتهى كلامه وهو جيّد.
وقال الفاضل الزاهد الشيخ فخر الدين بن طريح النجفي قدسسره في كتاب (مجمع البحرين) : (وفي الحديث : لو تفرثت كبده عطشا لم يستسق من دار صيرفي ، هو من صرفت الدراهم (٢) بالذهب : بعته. واسم الفاعل من هذا (صيرفي) ، و (صرّاف) للمبالغة ، وقوم صيارفة ، الهاء فيه للنسبة ، ومنه : «أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة؟» قال الصدوق رحمهالله : (يعني صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدراهم).
وعن بعض المعاصرين من شراح الحديث : (المعنى : كأن الإمام عليهالسلام قال لسدير : مالك ولقول الحسن البصري؟ أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الأقاويل ، فانتقدوا ما قرع أسماعهم ، فاتّبعوا الحق ورفضوا الباطل ولم يسمعوا لما في أهل الضلال وأكاذيب رهط السفاهة؟ فأنت أيضا كان صيرفيّا لما يبلغك من الأقاويل ناقدا (٣) آخذا بالحقّ رافضا للباطل. وليس المراد أنّهم كانوا صيارفة الدراهم كما هو المتبادر إلى بعض الأفهام ؛ لأنهم كانوا فتية من أشراف الروم مع عظم شأنهم وكبر خطرهم) انتهى كلامه.
ويتوجّه عليه أن من الممكن أن يقال : إن قوله : (يعني) ـ إلى آخره ـ ليس هو من كلام الإمام عليهالسلام وإنما هو من كلام الصدوق رحمهالله ، يدلّ على ذلك أن هذه الرواية بعينها ذكرت في (التهذيب) في باب الحرف المكروهة إلى قوله : «إنّ أصحاب
__________________
(١) الدر المنثور من المأثور وغير المأثور ١ : ٥٧ ـ ٥٨.
(٢) في المصدر : الدينار.
(٣) من هامش «ح» والمصدر ، وفي «ح» : منقدا ، وفي «ق» : منتقدا.