وحينئذ ، فلزوم التصرّف بعد البرء من المرض ـ كما وقع الاتفاق عليه ـ إنّما نشأ من لزوم العقد أولا في حال المرض كما نقوله وندّعيه ، لا أنه إنّما وقع صحيحا غير لازم كما يدّعونه ، حتى فرّعوا عليه صحّة هذا القول.
السادس ما أشرنا إليه آنفا من عدم صلوحية الروايات المعارضة للمعارضة (١) ؛ لما فيها من الاحتمال ، بل الاختلال في جملة منها والاعتدال المانع من صحّة الاعتماد عليها في هذا المجال. وها نحن نسوق الكلام فيها رواية رواية :
فمنها رواية علي بن عقبة (٢) التي هي أوضح أدلّة أولئك القائلين. وأظهر الوجوه فيها هو الحمل على التقيّة ، لمطابقتها ـ كما عرفت ـ للرواية العامية.
واحتمل شيخنا الشهيد الثاني في (المسالك) أيضا حملها على الوصيّة قال : (لأن حضور الموت قرينة منعه من مباشر العتق ، ويجوز نسبة العتق إليه ؛ لكونه سببه القوي بواسطة الوصيّة).
قال : (وهذا وإن كان بعيدا إلّا إنه مناسب ، حيث لم يبق للرواية عاضد) (٣) انتهى.
وظنّي أن ما ذكرناه من الحمل على التقيّة هو الأقرب والأنسب. ثم إنه على تقدير تسليمها فموردها خاصّ ، والمدّعى أعمّ من ذلك ، ودعوى الأولويّة ممنوعة ، بل هو قياس محض ، وعدم القائل باختصاص الحكم به لا يسوّغ قياس غيره عليه.
ومنها موثّقة سماعة (٤) ، ونحوها رواية جرّاح المدائني (٥).
__________________
(١) سقط في «ح».
(٢) تهذيب الأحكام ٩ : ١٩٤ / ٧٨١ ، الاستبصار ٤ : ١٢٠ / ٤٥٥ ، وسائل الشيعة ١٩ : ٢٧٦ ، كتاب الوصايا ، ب ١١ ، ح ٤.
(٣) مسالك الأفهام ٦ : ٣٠٨ ـ ٣٠٩.
(٤) تهذيب الأحكام ٩ : ١٥٦ / ٦٤٢ ، وسائل الشيعة ١٩ : ٣٠٠ ، كتاب الوصايا ، ب ١٧ ، ح ١١.
(٥) تهذيب الأحكام ٩ : ٢٠١ / ٨٠١ ، وسائل الشيعة ١٩ : ٣٠١ ، كتاب الوصايا ، ب ١٧ ، ح ١٤.