الإخراج من الثلث ؛ لعدم وجود الشرط ، الموجب لانتفاء المشروط.
وهذا التحقيق يرجع (١) في الحقيقة إلى القول المتقدّم بأن مناط الفرق المذكور العدالة ، كما هو منقول (٢) عن العلّامة في (التذكرة) ، وأنها (٣) هي الدافعة للتهمة. وهذا هو ظاهر الأخبار المتقدّمة.
ويظهر الفرق بين هذا القول والقول الثاني ما لو كان المقرّ على ظاهر العدالة ، وقامت القرائن الحالية والمقالية على التهمة ، فعلى الاكتفاء بظاهر العدالة يكون الإخراج من الأصل ولا يلتفت إلى ما دلّت عليه القرائن ، وعلى تقدير المشهور من ضمّ عدم التهمة إلى العدالة وجعلهما شرطين أنه يكون الإخراج من الثلث ؛ لانتفاء أحد الشرطين.
وأنت خبير بأن اعتبار انتفاء التهمة منفردا أو منضمّا إلى شرط العدالة لا يعرف له مستند من الأخبار ، إلّا ما يفهم من شرط الأمانة وكونه مرضيّا ، الذي هو عبارة عن العدالة عندهم بالتقريب الذي قدّمناه.
اللهم إلّا أن يقال : إن قيام القرائن بالتهمة الموجبة لظنها ينافي العدالة المذكورة ولا يجامعها ، وهو غير بعيد وإن صرّح في (المسالك) بخلافه ، وجوّز اجتماعهما ؛ بناء على أن العدالة المبنيّة على الظاهر لا تزول بالظنّ (٤). وفيه منع ظاهر ، فإن العدالة إنّما تبنى على الظنّ ، فقد تقابل الظنّان ، وترجيح أحدهما على الآخر يحتاج إلى مرجّح.
والظاهر أنه لما قد (٥) ذكرناه ذهب صاحب (الكفاية) إلى قول آخر في المسألة ، بعد أن فسّر التهمة بما أشرنا إليه آنفا ، فقال : (والأقوى أن التهمة بالمعنى
__________________
(١) من «ح».
(٢) مسالك الأفهام ١١ : ٩٦.
(٣) في «ح» : وإنّما.
(٤) مسالك الأفهام ١١ : ٩٦ ـ ٩٧.
(٥) ليست في «ح».