وينبغي تقييد إطلاق هذا الخبر بكون المقرّ مرضيّا ، كما تضمّنته صحيحة منصور بن حازم (١) ، وموثّقة أبي أيّوب (٢) المتقدّمتان. وهذه الرواية إن اخذت مطلقة أو مقيّدة بما ذكرنا فهي صريحة في الردّ لما ذهب إليه المحقّق في (الشرائع (٣)) من أن الإقرار للوارث مخرجه الثلث مطلقا.
ومنها صحيحة سعد بن سعد عن الرضا عليهالسلام قال : سألته عن رجل مسافر حضره الموت فدفع مالا إلى رجل من التجّار فقال له : إن هذا المال لفلان بن فلان ليس لي فيه قليل ولا كثير ، فادفعه إليه يصرفه حيث شاء ، فمات ولم يأمر فيه صاحبه الذي جعله له بأمر ، ولا يدري صاحبه ما الذي حمله على ذلك ، كيف يصنع؟ قال : «يضعه حيث شاء» (٤).
قال بعض مشايخنا ـ رضوان الله عليهم ـ : (قوله : «يضعه حيث شاء» ، أي هو ماله يضعه حيث شاء ؛ إذ ظاهر إقراره أنه أقرّ له بالملك ، ويكفي ذلك في جواز تصرّفه ، فلا يلزمه بيان سبب الملك. ويحتمل أن يكون المراد أنه أوصى إليه بصرف هذا المال في أيّ مصرف شاء ، فهو مخيّر في الصرف فيه مطلقا أو في وجوه البرّ) (٥) انتهى.
أقول : لا يخفى أن سياق الرواية المذكورة ظاهر في أن اعتراف الرجل بذلك المال لذلك الشخص الذي سمّاه ليس له أصل بالكلّية ، ولهذا أن الرجل المسمّى لم يقبض المال ولم يأمر فيه بأمر ، بل تعجّب من ذلك ولم يدر ما الذي حمل ذلك الرجل على الاعتراف له به ، مع أنه يعلم أنه لا يستحقّ في ذمته مالا بالكلّية.
__________________
(١) الكافي ٧ : ٤١ / ٢ ، باب المريض يقرّ .. ، تهذيب الأحكام ٩ : ١٥٩ / ٦٥٦ ، وسائل الشيعة ١٩ : ٢٩١ ، كتاب الوصايا ، ب ١٦ ، ح ١.
(٢) تهذيب الأحكام ٩ : ١٦٠ / ٦٥٧.
(٣) من «ح» ، وفي «ق» : النافع.
(٤) تهذيب الأحكام ٩ : ١٦٠ ـ ١٦١ / ٦٦٢ ، وسائل الشيعة ١٩ : ٢٩٣ ، كتاب الوصايا ، ب ١٦ ، ح ٦.
(٥) مرآة العقول ٢٣ : ١٠٣.