أقول : لمّا كان ظاهر سياق هذه الحكاية أن المرأة المشار إليها قاصدة بهذا الإقرار حرمان الوارث لم يترتّب الحكم فيها على عدالة المقرّ وكونه مرضيّا ؛ لأن المعلوم من السياق خلافه ، بل رتّبه على ثبوت الدين ومعلومية صحّته ، وهو نظير ما تقدّم في رواية السكوني من قوله عليهالسلام : «بلا ثبت ولا بيّنة ردّه» ، بناء على ما ذيّلناها به من التأويل بأنّه إذا كان متّهما احتيج في إخراجه من الأصل إلى البيّنة الموجبة لثبوته ، وإلّا فمن الثلث.
وأمّا قوله في الخبر المذكور : فرأيك ـ أدام الله عزّك ـ في مسألة الفقهاء قبلك ، فقال المحدّث الكاشاني في (الوافي) : (يعني : ما رأيك ، أو : أعلمنا رأيك في سؤالنا الفقهاء الذين يكونون عندك من شيعتك عن هذا ، وفي تعرّفنا ذلك منهم (١) ؛ إذ ليس لنا إليك وصول. وكان غرضه الاستيذان في مطلق سؤالهم عن المسائل) (٢) انتهى.
أقول : الظاهر أنه لا يخلو من بعد.
وقال شيخنا المجلسي قدسسره في حواشيه على كتب الأخبار : (لعلّ المراد بالفقهاء الأئمّة عليهمالسلام ، أي نطلب رأيك أو نتبعه ، أو إن رأيت المصلحة في أن تعرّفنا ما أجاب به الأئمّة المتقدمة عليك عند سؤالهم عن هذه المسألة. فعلى الأخير يكون : (وتعرّفنا) معطوفا على (مسألة) تفسيرا لها. ويحتمل أن يكون المراد السؤال عن فقهاء البلد وتعريف الجواب ، بأن يقرأ (قبلك) بكسر القاف وفتح الباء.
وعلى التقديرين يكون هذا النوع من الكلام الغير المعهود من أصحابهم للتقيّة ، وعلى الثاني لنهاية التقيّة.
ويمكن أن يكون المراد : ما رأيك في مسألة سألنا الفقهاء قبل أن نسألك ،
__________________
(١) في المصدر : عنهم.
(٢) الوافي ٢٤ : ١٦٤.