قصور فهم ، أو نحو ذلك في بعض المسائل ، فهو لا يوجب تشنيعا ولا قدحا في أصل الاجتهاد.
وجميع تلك الامور التي جعلوها مناط الفرق إنّما هي من هذا القبيل ، فإمّا أن تكون من جملة المسائل التي اختلفت فيها الأنظار ، وتصادمت فيها الآراء والأفكار ، أو أنّ ذلك القول كان ناشئا عن بعض هذه الأشياء المذكورة ، أو نحو ذلك ، كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى.
وأنت تعلم أن كلّا من المجتهدين والأخباريّين يختلفون في آحاد المسائل ، بل وربّما خالف أحدهم نفسه ، مع أنه لا يوجب تشنيعا ولا قدحا. وقد ذهب رئيس الأخباريّين الصدوق رحمهالله إلى جملة من المذاهب الغريبة (١) ، بل (٢) النادرة التي لم يوافقه عليها أخباري ولا مجتهد ، مع أنه لم يوجب ذلك طعنا عليه ولا قدحا في علمه وفضله.
ولم يرتفع صيت هذا الخلاف ولا ارتكاب هذا الاعتساف إلّا من زمن (٣) صاحب (الفوائد المدنية) ـ سامحه الله تعالى وعامله برحمته المرضيّة ـ فإنه قد جرّد لسان التشنيع على الأصحاب ، وأسهب في ذلك أيّ إسهاب ، وأكثر من التعصبات التي لا تليق بمثله من العلماء الأطياب ، وهو وإن أصاب الصواب في بعض ما ذكر في ذلك الكتاب ، إلّا إنّها لا تخرج عمّا ذكرناه من سائر الاختلافات ، بل هي داخلة فيما ذكرناه من التوجيهات.
__________________
(١) منها تشنيعه على من زاد في الأذان : أشهد أن عليا ولي الله (مرتين). انظر الفقيه ١ : ١٨٨ / ذيل الحديث : ٨٩٧.
ومنها نسبته السهو إلى النبي صلىاللهعليهوآله. انظر الفقيه ١ : ٢٣٤ / ذيل الحديث : ١٠٣١.
ونسب الأول وإنكار الثاني إلى ابتداع المفوّضة.
(٢) من «ح».
(٣) من «ح».