ولا يخفى بعده ؛ فإن المتبادر من الخبرين المتقدّمين أن المراد من تلك الأبواب والحدود : ما يكون له مدخل في صحة الصلاة وتمامها وكمالها ، والأمر هنا بالعكس ، بمعنى أن قبول تلك الأعمال متوقف على قبول الصلاة ، فهي لا مدخل لها في كمال الصلاة ، بل كمال الصلاة مكمّل لها كما عرفت.
ومنها أن أبواب الصلاة هي أبواب عروجها وطرق صعود الملائكة الموكّلة عليها بها ، وهي السماوات إلى السماء الرابعة ، والملائكة السماوية في كلّ سماء بوّابون وموكّلون على الرد والقبول ، وهم كثيرون لا يحصيهم كثرة إلّا الله سبحانه كما في التنزيل (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلّا هُوَ) (١) ، فالتعبير عن ملائكة كلّ سماء ـ وهم أبواب نقد الصلاة الصاعدة إليهم والتفتيش عنها ـ روم لبيان التكثير لا تعيين للمرتبة العددية بخصوصها. وهذا الوجه أيضا ذكره العلّامة (٢) المشار إليه ، ولا يخفى بعده.
ومنها ما نقله السيّد ذو المناقب والمفاخر رضي الدين بن طاوس في كتاب (فلاح السائل ونجاح المسائل) عن الكراجكي في كتاب (كنز الفوائد) (٣) قال : (جاء الحديث أن أبا جعفر المنصور خرج في يوم جمعة متوكئا على يد الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام ، فقال رجل يقال له : رزام مولى خالد بن عبد الله : من هذا الذي بلغ من خطره ما يعتمد أمير المؤمنين على يده؟ فقيل له : هذا أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق. فقال : إنّي والله ما علمت ، لوددت أن خدّ أبي جعفر موضع لنعل (٤) جعفر.
__________________
(١) المدّثّر : ٣١.
(٢) عنه في بحار الأنوار ٧٩ : ٣٠٥ ـ ٣٠٦.
(٣) لم نعثر عليه في نسخة كنز الفوائد التي بين أيدينا ، وقد ورد في ذيل النسخة المطبوعة ٢ : ٢٢٣ (ضمن نصوص مفقودة من هذه النسخة) نقلا عن الأنوار البهية للشيخ عباس القمي.
(٤) في المصدر : نعل ، بدل : موضع لنعل.