ثمّ قام فوقف بين يدي المنصور فقال له : أسأل يا أمير المؤمنين؟ فقال له المنصور : سل هذا ، فقال : إني اريدك بالسؤال ، فقال له المنصور : سل هذا ، فالتفت رزام إلى الإمام جعفر بن محمد عليهماالسلام فقال له : أخبرني عن الصلاة وحدودها ، فقال له الصادق عليهالسلام : «للصلاة أربعة آلاف حدّ ، لست تؤاخذ بها».
فقال : أخبرني عمّا لا يحلّ تركه ولا تتمّ الصلاة إلّا به.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «لا تتمّ الصلاة إلّا لذي طهر سابغ ، وتمام بالغ ، غير نازغ ولا زائغ ، عرف (١) فوقف ، وأخبت فثبت ، وهو واقف بين اليأس والطمع ، والصبر والجزع ، كأن الوعد له صنع ، والوعيد به وقع ، بذل عرضه ويمثّل (٢) غرضه ، وبذل في الله المهجة ، وتنكّب إليه المحجّة ، غير مرتغم بارتغام يقطع علائق الاهتمام بغير (٣) من له قصد وإليه وفد ومنه استرفد ، فإذا أتى بذلك كانت هي الصلاة التي [بها] امر وعنها اخبر ، وأنها هي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر».
فالتفت المنصور إلى أبي عبد الله عليهالسلام فقال : يا أبا عبد الله ، لا نزال من بحرك نغترف ، وإليك نزدلف ، تبصّر من العمى ، وتجلو بنورك الطّخياء ، فنحن نعوم في سبحات قدسك وطامي بحرك) (٤).
وهذا الخبر وإن كان مجملا بالنسبة إلى بيان تلك الأربعة آلاف ، إلّا إنه صريح في كونها من الآداب والسنن ، وليس ممّا يتعلّق عليها صحة الصلاة ولا قبولها.
وهذا الخبر يدلّ على بطلان جميع الوجوه المتقدمة كما لا يخفى.
بيان : «غير نازغ» مأخوذ من قوله عزوجل (وَإِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ
__________________
(١) من «ح» والمصدر.
(٢) في المصدر : تمثل ، وهو ما سيشير إليه المصنف بعد قليل من أن في بعض النسخ : تمثل.
(٣) في المصدر : بعين ، وهو ما سيشير إليه المصنف من أنه على بعض النسخ. على أن المصنف في شرح ألفاظ الحديث أشار إليها بلفظ (بعين) والظاهر أنها هنا تصحيف من الناسخ ، وأن مراد المصنف : بعين.
(٤) فلاح السائل ٢٣ ـ ٢٥.