ورواه شيخنا الصدوق قدسسره في كتاب (العلل) عن محمّد بن علي ماجيلويه عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن حمّاد قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «لا يحلّ» (١) الحديث.
وأنت خبير بأن الكلام في هذا الخبر من حيث السند مفروغ منه عندنا على أي الروايتين كان ، فإن هذا الاصطلاح المبني عليه تضعيف أخبارنا أصل متزعزع الأركان ، متداعي البنيان ، قد خرج عنه مؤسسوه في غير موضع ومكان ؛ لضيق الخناق وإن أطالوا الكلام فيه وسوّدوا فيه الأوراق ، كما أوضحنا ذلك في جملة من مؤلّفاتنا ، ولا سيما في مقدمات كتاب (الحدائق الناضرة) (٢) وفّق الله تعالى لإتمامه.
فالطاعن في سنده وإن تمّ له في رواية (التهذيب) إلّا إنه لا يتمّ له في رواية (العلل) ؛ لعدّ جملة من أساطين أصحابنا رجال هذا السند في الصحيح. على أنه من الظاهر البيّن الظهور أن الشيخ ـ رضوان الله عليه ـ إنّما نقل أخبار كتبه من الاصول المحقّقة الثبوت والمعلومة الاتّصال بالأئمّة عليهمالسلام ، وإنّما يذكر الوسائط في الأسانيد إلى أصحاب الاصول تيمّنا وإخراجا للخبر عن قيد الإرسال ، كما نصّ على ذلك جملة من محقّقي علمائنا الأبدال (٣) ؛ لأن الاصول في زمانه موجودة ، وحينئذ فالكلام في السند لا طائل تحته.
بقي الكلام في متن الخبر ودلالته على التحريم ، فنقول : وجه الاستدلال بذلك أن لفظ «لا يحلّ» صريح في التحريم ؛ فإنّه المعنى المتبادر عند الإطلاق ، والتبادر أمارة الحقيقة ، كما نصّ عليه محقّقو علماء الاصول (٤). ويؤكّده التعليل بالمشقّة
__________________
(١) علل الشرائع ٢ : ٣١٥ / ب ٣٨٥ ، ح ٣٨.
(٢) الحدائق الناضرة ١ : ١٤ ـ ٢٦.
(٣) هداية الأبرار : ٥٥.
(٤) معالم الاصول : ١٢٨ ، الوافية في اصول الفقه : ٦٠.