لها ، صلوات الله عليها. ومن الظاهر البيّن أن الأمر الذي يشقّ عليها يؤذيها ، وإيذاؤها محرّم بالاتّفاق ؛ لأنّه إيذاء للرسول صلىاللهعليهوآله بالحديث المتّفق عليه بين الخاصّة والعامّة : «فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما يؤذيها» (١).
فإن قيل : إن لفظ «لا يحلّ» قد ورد بمعنى الكراهة ، فلا يكون نصّا في التحريم ؛ لما رواه الكليني والصدوق ـ رضياللهعنهما ـ عنه صلىاللهعليهوآله من قوله : «لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تدع عانتها فوق عشرين يوما» (٢).
مع أن ذلك غير واجب بالإجماع ، وحينئذ فيحتمل حمل هذا (٣) الخبر على ذلك ، وإذا قام الاحتمال بطل الاستدلال كما ذكروه ، ولفظ (المشقّة) ربما لا يستلزم الإيذاء ، وحينئذ فلا ينهض الخبر دليلا على التحريم.
قلنا : لا يخفى على الفطن اللبيب ، والموفّق المصيب ، ومن أخذ من القواعد المقرّرة ، والضوابط المعتبرة بأوفر نصيب ، أن الواجب هو حمل الألفاظ على حقائقها متى اطلقت ، وإنّما تحمل على مجازاتها بالقرائن الحاليّة أو المقاليّة الموجبة للخروج عن تلك الحقيقة ، لا بمجرّد التخرّص والتخمين ، كما هو بيّن لدى الحاذق المكين ؛ إذ لو جاز ذلك لبطلت جملة (٤) القواعد الشرعيّة ، واختلّت تلك الأحكام النبويّة ، ولا قرينة في الخبر من نفسه ، ولا من خارج يؤذن بإخراج لفظ «لا يحلّ» عن حقيقته.
واستعمال «لا يحلّ» في الخبر الذي ذكره المعترض في الكراهة لا يستلزم حمل ما لا قرينة فيه على الكراهة.
__________________
(١) بحار الأنوار ٢٣ : ٢٣٤ ، صحيح مسلم ٤ : ١٥١٢ / ٢٤٤٩.
(٢) الكافي ٦ : ٥٠٦ / ١١ ، باب النورة ، الفقيه ١ : ٦٧ / ٢٦٠ ، وسائل الشيعة ٢ : ١٣٩ ، أبواب آداب الحمام ، ب ٨٦ ، ح ١ ، وفيها : «ذلك» ، بدل : «عانتها» ؛ إذ أوّله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يترك عانته فوق أربعين يوما.
(٣) سقط في «ح».
(٤) من «ح» : وفي «ق» : تلك.