آهٍ وا أسفاه على ماض كنت فيه مغمضة العينين ، أمشي مع أقراني وقومي وهم على طريق الضلالة ، ولكن الحمد لله الذي هداني بفضل هذه الفتاة المؤمنة الصادقة النيَّة ، وليهنأ وليعتزَّ بنفسه كل شيعي ، فهو الذي يتمسَّك بالعروة الوثقى ، وهو من الفرقة الناجية التي حدَّث عنها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث له.
انتهيت من قراءة الكتب وقد تشيَّعت تماماً ، وطويت صفحة الأيام الماضية ، وقرَّرت أن أبداً من يومي هذا حياة جديدة.
وفي اليوم الذي وعدتني به صديقتي بتول جزاها الله عنّي كل خير ، أتت إليَّ وقد بدا عليها الحزن قليلا ، فقلت : لم ـ يا صديقتي ـ هذا الحزن؟
قالت: إنه يوم عاشوراء ، وقد قال الإمام الصادقعليهالسلامـ إنه علينا أن لا نبتسم في هذا اليوم ففيه قتل الحسينعليهالسلام(١) ، وكانت هذه مصيبة على الأمّة الإسلاميّة
__________________
١ ـ جاء في كتاب المصباح للشيخ الطوسي عليه الرحمة ، عن عبدالله بن سنان قال : دخلت على سيدي أبي عبدالله جعفر بن محمّد 8 في يوم عاشوراء ، فألفيته كاسف اللون ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط ، فقلت : يا ابن رسول الله! مم بكاؤك؟ لا أبكى الله عينيك ، فقال لي : أو في غفلة أنت؟ أما علمت أن الحسين بن علي أصيب في مثل هذا اليوم؟ إلى أن قال عليهالسلام : فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلَّت الهيجاء عن آل رسول الله ، وانكشفت الملحمة عنهم ، وفي الأرض منهم ثلاثون صريعاً في مواليهم ، يعزُّ على رسول الله 6 مصرعهم ، ولو كان في الدنيا يومئذ حيّاً لكان صلوات الله عليه وآله هو المعزَّى بهم ، قال : وبكى أبو عبدالله عليهالسلام حتى اخضلَّت لحيته بدموعه ..
( مصباح المتهجِّد ، الطوسي : ٧٨٢ ، المزار ، محمّد بن المشهدي : ٤٧٣ ، بحار الأنوار ، المجلسي : ٩٨/٣٠٣ ح ٤ ).
وروى ابن قولويه عليه الرحمة ، عن أبي عمارة المنشد قال : ما ذكر الحسين بن علي 8 عند أبي عبدالله جعفر بن محمّد 8 في يوم قط فرئي أبو عبدالله عليهالسلام في ذلك اليوم متبسِّماً إلى الليل ( كامل الزيارات ، ابن قولويه : ٢٠٣ ح ٦ ).