أني قد حفظت منها لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ، وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها ، غير أني حفظت منها : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة ) (١).
وفي أثناء ذكري لهذه الروايات ، لاحظت أن الشيخ حملق عينيه وفتح فاه وظهرت الحيرة والدهشة على وجهه ، فما أن توقفت عن الكلام حتى أخذ يقول : أنا لم أسمع بذلك وأنا لم ارَ ذلك ، وأطالبك أن تحضر هذه المصادر أمامي.
قلت : قبل قليل كنت تتهجم على الشيعة وتتهمهم بالتحريف ، فلماذا لم تحضر كتبهم التي لم ترها في حياتك كلها ، فأنت ملزم بإحضار مصادرك وهذه مكتبتك ، فيها البخاري ومسلم وكتب الحديث ، أحضرها حتى اُخرجَ لك هذه الروايات منها ، وعندما لم يجد مخرجاً قفز إلى موضوع آخر ، وهو أن الشيعة تقول بالتقية فكيف نصدق كلامهم؟!
وهرج ومرج ، حتى قام أحدهم وأذن لصلاة العشاء ، وبعد الصلاة تواعدنا أن نكمل المناظرة في الأيام القادمة ، على أن نختار في كل يوم موضوعاً نتناظر حوله ... ولما جاء الغد كنتُ جالساً أمام منزلنا في الصباح فمر الشيخ وسلّم عليَّ بكل احترام وقال : إن هذه المباحث لا يفهمها العامة ، فمن الأفضل أن نتحاور ونتناظر أنا وأنت على انفراد.
قلت : أوافق ، لكن بشرط أن تترك التهجم على الشيعة ، وفيما بعد لم نسمع له تهجماً على الشيعة .. (٢)
__________________
١ ـ صحيح مسلم : ج ٢ ص ٧٢٦ ح ١١٩ ( ك الزكاة ب ٣٩ ).
٢ ـ الحقيقة الضائعة للشيخ معتصم السوداني : ص ٢٦ ـ ٢٩.