قلت له كما قيل : ترون التبنة في أعين غيركم ، ولا ترون الخشبة في أعينكم ، فإن الروايات التي احتوتها كتب الحديث عند السنة ظاهرة في اتهام القرآن الكريم بالتحريف ، فنسبة القول بالتحريف إلى السنة أقرب منها إلى الشيعة. وذكرت ما يقارب عشرين رواية مع ذكر المصدر ورقم الصفحة من صحيح البخاري ومسلم ومسند أحمد والإتقان في علوم القرآن للسيوطي ، مثال :
أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ، عن أبي بن كعب قال : كم تقرأون سورة الأحزاب؟ قال : بضعاً وسبعين آية ، قال : لقد قرأتها مع رسول الله صلىاللهعليهوآله مثل البقرة أو أكثر منها ، وإن فيها آية الرجم (١).
وأخرج البخاري في صحيحه بسنده عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب ، قال : إن الله بعث محمداً صلىاللهعليهوآله بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل الله آية الرجم ، فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، فلذا رجم رسول الله صلىاللهعليهوآله ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ... إلى أن يقول : ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : ( أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ، أو إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم ) (٢).
وروى مسلم في صحيحه ، قال : بُعث أبو موسى إلى قراء أهل البصرة ، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن ، فقال : أنتم خيار أهل البصرة ، وقراؤهم ، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمر ، فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم ، وإناكنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها ، غير
__________________
١ ـ مسند أحمد بن حنبل : ج ٥ ص ١٣٢.
٢ ـ صحيح البخاري : ج ٨ ص ٢٠٩ ـ ٢١٠ ( ك المحاربين ، ب رجم الحبلى إذا زنت ).