المجتهدين لأنّي وجدت مالكا يقول بكراهة البسملة في الصّلاة (١) بينما يقول أبو حنيفة بوجوبها (٢) ، ويقول غيره ببطلان الصلاة بدونها!
وبما أنّ الصلاة هي عمود الدّين إنْ قُبِلت قُبل ما سواها وإن رُدّت ردّ ما سواها ، فلا أريد أن تكون صلاتي باطلة ، كما أنّ الشيعة يقولون بمسح الرجلين في الوضوء ويقول السنّة بغسلهما! بينما نقرأ في القرآن ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) (٣) وهي صريحة في المسح ، فيكف تريد يا سيدي أن يقبل المسلم العاقل قول هذا ويردّ قول ذاك بدون بحث ودليل؟
قال : بإمكانك أن تأخذ من كلّ مذهب ما يعجبك لأنها مذاهب إسلامية ، وكلّهم من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ملتمس.
قلت : أخاف أن أكون ممن قال اللّه فيهم : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْم وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَتَذَكَّرُونَ )(٤). يا سيدي أنا لا أعتقد بأنّ المذاهب كلّها على حق ما دام الواحد منهم يبيح الشيء ويحرّمه الآخر، فلايمكن أن يكون الشيء ، حراما وحلالاً في آن واحد ، والرسولصلىاللهعليهوآلهوسلملم يتناقض في أحكامه لأنّه « وحي من القرآن » ، ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً )(٥). وبما أنّ
__________________
١ ـ الفقه على المذاهب الأربعة ، الجزيري : ١/٢٥٧.
٢ ـ نفس المصدر السابق : ١/٢٥٧.
٣ ـ سورة المائدة ، الآية : ٦.
٤ ـ سورة الجاثية ، الآية : ٢٣.
٥ ـ سورة النساء ، الآية : ٨٢.