١ ـ دلالة إفراديّة.
٢ ـ دلاله تركيبيّة.
أو كما يسمّيها علماء المنطق والأصول دلالة تصوُّريَّة ودلالة تصديقيّة.
فقد يختلف المعنى الإفرادي عن المعنى التركيبي في الكلمة الواحدة ، إذا وجدت قرائن في الجملة تصرفها عن معناها الإفرادي ، فمثلا : عندما أقول : ( أسد ) ينصرف الذهن إلى الحيوان ، ولكن عندما أقول : أسد يقود سيارة فإن الذهن سينصرف إلى الرجل الشجاع ، فمعنى أيِّ كلمة لابد أن يلاحظ فيه السياق والقرائن المتصلة والمنفصلة ، وهذا هو ديدن العرب في فهم الكلام ، ولذلك الذي يفهم بهذه الطريقة لا يسمَّى مؤوِّلا للنصّ ، خارجاً عن الظاهر ، وهكذا الحال في مثل هذه الآيات ، ففي قوله تعالى : ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) فيكون المعنى الظاهر من اليد هي القدرة والتأييد الإلهي من غير تأويل ، كالذي يقول : البلد في يد السلطان ، أي تحت تصرفه وإدارته ، ويصح هذا القول وإن كان السلطان مقطوع اليد ، وكذلك في بقيَّة الآيات فلا يمكن أن تثبت معنى الكلمة من غير ملاحظة السياق ، وهذا هو الأخذ بالظاهر بعينه.
بدأت الحيرة على وجه الوهابي ، وهو لا يدري ماذا يقول ، إلاَّ أنه قاطعني قائلا : هذا الكلام فيه تكلُّف ومراوغة ، فالإسلام دين يسر ، ولا يحتمل هذه السفسطة ، فقد خاطب علماؤنا المسلمين بأبسط الكلمات من غير تعقيد وتكلُّف ، وقد أجمع المسلمون على فضلهم وأعلميَّتهم ، مثل : الإمام أحمد بن حنبل ، وشيخ الإسلام ابن تيميّة ، فإنهم بتوفيق الله ردُّوا على أصحاب المذاهب الباطلة بأوضح البراهين ، ولم يقولوا كلمة واحدة مما قلت ، مع أنهم لا يجرأ على مخالفتهم أحد.