الشورى ؛ فإنه لا يخلو من خبث واضح ، فإن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ما زال مسجّى لم يدفن بعد ، فأيُّ مسلم له غيرة على الإسلام يقبل ذلك؟
والإشكال الآخر : إذا سلّمنا أنّ للإجماع حجّة فإن هذا الإجماع لم ينعقد ؛ لعدم حضور كل الصحابة ، وعلى الأقل أهل المدينة ، وكان فيهم كبار الصحابة ، ثم إن الطريقة التي جرت بها الشورى خالية حتى من أبسط الأخلاقيَّات ؛ لشدَّة المهاترات التي جرت بينهم ، كقول عمر لسعد عندما اجتمع الناس لمبايعة أبي بكر ، وكادوا يطؤون سعد بن عبادة ، فقال أناس من أصحاب سعد : اتّقوا سعداً لا تطؤوه ، فقال عمر : اقتلوه قتله الله ، إنه صاحب فتنة ، ثمَّ قام على رأس سعد وقال له : لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك ، فأقبل عليه قيس بن سعد وأخذ بلحيِّة عمر قائلا : والله لو حصحصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة ، ثم تكلَّم سعد بن عبادة منادياً ، وخاطب عمر : أما والله لو أنّ بي قوَّة ما أقوى على النهوض لسمعت منّي في أقطارها وسككها زئيراً يحجرك وأصحابك ، أما والله لألحقنّك بقوم كنت فيهم تابعاً غير متبوع (١).
فبالله عليك ، لأيِّ شي استحقَّ سعد القتل ، ولم يكن يدعو إلاّ إلى نفسه كما دعا غيره؟
ولماذا كان صاحب فتنة وقد دعا للشورى التي أمر بها الإسلام كما تدّعون؟
__________________
١ ـ ذكرها الطبري : ٢/٤٥٩ ، الإمامة والسياسة ، ابن قتيبة : ١/١٧ ، المصنف ، ابن أبي شيبة : ٨/٥٧١ ـ ٥٧٢ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٢/٢٥.