قلت : للإنصاف ـ يا خالي ـ قد أدهشني هذا الكلام ، ولكنني لا يمكن أن أصدّق ذلك على الصحابة ، وكأنّي أراك متحاملا عليهم ، وإلاّ ما حفظت كل هذه الشواهد في مثالبهم ، وممَّا يجعلني أشكِّك في كلامك أنّ مثل هذه الأفعال كيف تصدر من الصحابة الذين ربّاهم الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
خالي : لا يا عزيزتي ، لم يكن في الأمر تحامل ، وما أنا إلاّ دارس للتأريخ ، وقد سجّل لنا التأريخ أنّ الصحّابة فعلوا ما فعلوا.
ثمَّ من قال : إنّ مجرَّد الصحبة عاصمة من الخطأ؟ فالصحابة هم مجتمع بشريٌّ يحمل الصالح والطالح ، وكون هنالك رسول اتفق وجوده مع وجودهم هذا ليس كافياً أن ينقل كل ذلك المجتمع من قمّة الجاهليّة إلى قمّة العدالة ، وكم هنالك مجتمعات عاش بينها عشرات الأنبياء لم يمنعهم ذلك من عذاب الله ، فبنو إسرائيل كانوا يقتلون في اليوم والليلة سبعين نبيّاً (١) ، قال تعالى : ( كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ) (٢) ، أمّا لماذا فعلوا ، فهذا بحث آخر.
قلت : ما هي نظرتكم إلى الصحابة بكل أمانة؟
خالي : ننظر إليهم كما نظر إليهم القرآن والأحاديث الشريفة.
قلت : وكذلك أهل السنّة يقولون : إنّ القرآن نزَّههم من كل سوء ، وبايعوه
__________________
١ ـ راجع : اللهوف في قتلى الطفوف ، ابن طاووس : ٢٢ ، تفسير الثعالبي : ١/٢٧٧.
٢ ـ سورة المائدة ، الآية : ٧٠.