رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، وهناك تشكو اهتضامها وتقول : أبتاه! أمسينا بعدك من المستضعفين ، وأصبحت الناس عنّا معرضين!! ثمَّ تأخذ تراب القبر فتشمُّه وتنشد :
مَاذَا علَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ
أَحْمَد |
|
أَنْ لاَ يَشَمَّ مَدَى الزَّمَان
غَوَالِيَا |
صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبٌ لَوْ
أَنَّها |
|
صبَّتْ عَلَى الأيَّامِ صِرْنَ لَيَالِيَا
(١) |
فماتت مقهورة مظلومة ، في ربيع العمر وعنفوان الشباب ، وأوصت إلى علي عليهالسلام أن يغسِّلها ويجهِّزها ليلا ، ويدفنها ليلا إذا هدأت الأصوات ونامت العيون ، وأوصت أن لا يشهد جنازتها أحد ممن ظلمها وآذاها (٢).
ولمَّا وضعها في لحدها وأهال عليها التراب هاج به الحزن فتوجَّه إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : السلام عليك يا رسول الله عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك ، والسريعة اللحاق بك ، إلى أن يقول عليهالسلام : فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فلقد استرجعت الوديعة ، وأخذت الرهينة! أمَّا حزني فسرمد ، وأمَّا ليلي فمسهَّد ، إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم ، وستنبئك ابنتك بتضافر أمَّتك على هضمها ، فأحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، هذا ولم يطل العهد ، ولم يخل منك الذكر ، والسلام عليكما سلام مودِّع ، لا قال ولا سئم .. (٣).
__________________
١ ـ مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : ١/٢٠٨ ، سير أعلام النبلاء ، الذهبي : ٢/١٣٤ ، نظم درر السمطين ، الزرندي الحنفي : ١٨١ ، سبل الهدى والرشاد ، الصالحي الشامي : ١٢/٣٣٧ ، المغني ، عبدالله بن قدامة : ٢/٤١١.
٢ ـ مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : ٣/١٣٧ ، بحار الأنوار ، المجلسي : ٣١/٦١٩ ح ٩٧ و٤٣/١٨٢ ح ١٦.
٣ ـ نهج البلاغة ، خطب الإمام علي عليهالسلام : ٢/١٨٢ ، رقم : ٢٠٢ ، الكافي ، الكليني : ١/٤٥٨ ـ ٤٥٩ ح ٣ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ١٠/٢٦٥.