... فالآيتان أجنبيَّتان تماماً عن موضوع القيادة ، وبالتالي دليلك هذا ساقط ، ولا ينهض بأيِّ حال من الأحوال لإثبات المدَّعى .. أليس كذلك؟!
قلت : هذا الكلام يبدو في ظاهره وجيهاً ، مع أنّه يشوبه نوع من الغرابة ، فلم أسمع من قبل بمثل هذا الاستدلال ، ولكن كل ما أفهمه أنّ اختلاف أمَّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم رحمة.
عذراً يا عزيزتي! إنّ الحديث الذي ذكرتيه ليس بهذا الفهم ، والوارد في تفسيره عند أهل البيت عليهمالسلام ـ كما جاء في كتاب اسمه علل الشرائع ـ أنه قيل للإمام الصادق عليهالسلام : إن قوماً يروون أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : اختلاف أمَّتي رحمة ، فقال : صدقوا ، فقيل : إذا كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب؟ قال عليهالسلام : ليس حيث تذهب وذهبوا ، إنما أراد قول الله عزَّ وجلَّ : ( فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (١) واختلاف أهل البلدان إلى نبيِّهم صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمَّ من عنده إلى بلادهم رحمة .. فالاختلاف في البلدان لا في الدين ، لأن الدين واحد (٢).
وهذا ما تؤكِّده كتب اللغة ، فقد جاء في المنجد : اختلف إلى المكان : تردّد ؛ أي جاء المرَّة بعد الأخرى ، وهذا ما يقبله العقل والشرع ، قال تعالى : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) (٣) ، وقوله تعالى : ( وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ
__________________
١ ـ سورة التوبة ، الآية : ١٢٢.
٢ ـ علل الشرائع ، الصدوق : ١/٨٥ ح ٤ ، معاني الأخبار ، الصدوق : ١٥٧ ح ١.
٣ ـ سورة آل عمران ، الآية : ١٠٣.