يلقى ربَّه ، فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى ، أرى تراثي نهباً (١) ، حتى مضى الأوَّل لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعده ، ثم تمثّل بقول الأعشى :
شتّان ما يومي على كورها |
|
ويوم حيّان أخي جابر |
فيا عجباً! بينا هو يستقيلها في حياته (٢) إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، لشدّ ما تشطّرا ضرعيها (٣) ، فصّيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسُّها .. إلى أن يقول عليهالسلام : فصبرت على طول المدّة وشدّة المحنة ، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم ، فيالله وللشورى! متى اعترض الرّيب فيَّ مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر ، لكنّي أسففت إذ أسفُّوا ، وطرت إذ طاروا ، فصغى رجل منهم لضغنه (٤) ، ومال الآخر لصهره (٥) ، مع هن وهن (٦) ، إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه .. (٧).
إلى أن ختمها بقوله عليهالسلام : أما والذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارُّوا على
__________________
١ ـ وهذا تأكيد منه عليهالسلام بأنّ الخلافة حق ثابت له.
٢ ـ إشارة لقول أبي بكر : أقيلوني فلست بخيركم.
٣ ـ وهي إشارة منه عليهالسلام إلى تقسيم الخلافة بين أبي بكر وعمر.
٤ ـ يشير عليهالسلام إلى سعد بن أبي وقاص الذي صغى إلى ضغنه وهو عبد الرحمن بن عوف.
٥ ـ يشير عليهالسلام إلى عبد الرحمن بن عوف الذي مال إلى صهره وهو عثمان بن عفان.
٦ ـ إشارة منه عليهالسلام إلى أغراض أخر يكره ذكرها.
٧ ـ يشير عليهالسلام إلى عثمان وكان ثالثاً بعد انضمام كل من طلحة والزبير وسعد إلى صاحبه ، ونافجاً حضنيه : رافعاً لهما ، والحضن : ما بين الابط والكشح ، يقال للمتكبِّر : جاء نافجاً حضنيه ، والنثيل : الروث ، والمعتلف : موضع العلف ، أي أراد عليهالسلام بقوله : لاهمَّ له إلاَّ ما ذكره.